PEMBERIAN ORANG TUA


الفتاوى الفقهية الكبرى، ٣٦٣/٣
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - هَلْ يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَهَبَ بَعْضَ أَوْلَادِهِ عَيْنًا دُونَ الْآخَرِينَ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: يُكْرَهُ لِلْأَبِ وَالْجَدِّ وَإِنْ عَلَا كَرَاهَةَ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ خِلَافًا لِابْنِ حِبَّانَ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَإِنْ أَطَالَ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ فِي صَحِيحِهِ أَنْ يَهَبَ لِأَحَدٍ مِنْ أَوْلَادِهِ وَإِنْ سَفَلُوا أَكْثَرَ مِمَّا يَهَبُ لِغَيْرِهِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ كَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ أَوْ ابْنِ الْبِنْتِ، كَمَا شَمِلَهُ إطْلَاقُهُمْ، وَإِنْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا وَالْمُتَبَادَرُ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ اهـ، وَذَلِكَ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ وَلِأَنَّهُ يُفْضِي إلَى الْعُقُوقِ.
وَبَحَثَ ابْنُ الرِّفْعَةِ أَنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ ذَلِكَ إنْ اسْتَوَتْ حَاجَاتُهُمْ بِخِلَافِ مَا إذَا اخْتَلَفَتْ لِانْتِفَاءِ الْمَحْذُورِ السَّابِقِ حِينَئِذٍ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَغَيْرُهُ، وَإِذَا ارْتَكَبَ التَّفْضِيلَ الْمَكْرُوهَ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعْطِيَ الْآخَرَيْنِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْعَدْلُ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ سُنَّ لَهُ عَلَى مَا حَكَاهُ فِي الْبَحْرِ أَنْ يَرْجِعَ أَيْ فِي الْكُلِّ عِنْدَ التَّخْصِيصِ وَفِي الزَّائِدِ فَقَطْ عِنْدَ التَّفْضِيلِ، قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا كَرَاهَةَ فِي التَّخْصِيصِ وَلَا يُسْتَحَبُّ الرُّجُوعُ حَيْثُ رَضِيَ الْمَحْرُومُ بِذَلِكَ لِدِينِهِ أَوْ لِغِنَاهُ، أَوْ عُلِمَ مِنْهُ ذَلِكَ بِصَرِيحِ قَوْلِهِ وَثِقَتِهِ بِهِ، أَوْ أَذِنَ ابْتِدَاءً فِي الْهِبَةِ لِأَخِيهِ دُونَهُ، أَوْ الْتَمَسَ هُوَ لَهُ ذَلِكَ.
أَمَّا الرُّجُوعُ عِنْدَ الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ فِي هِبَةِ الْجَمِيعِ أَوْ فِي هِبَةِ بَعْضِهِمْ فَمَكْرُوهٌ إلَّا إنْ احْتَاجَ إلَيْهِ لِدَيْنٍ أَوْ نَفَقَةِ عِيَالٍ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَإِلَّا لِمَصْلَحَةٍ كَأَنْ يَكُونُوا عَقَقَةً أَوْ يَسْتَعِينُوا بِمَا أَعْطَاهُ لَهُمْ فِي مَعْصِيَةٍ وَأَصَرُّوا عَلَيْهَا بَعْدَ إنْذَارِهِ لَهُمْ بِالرُّجُوعِ، فَلَا يُكْرَهُ كَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ الْإِسْنَوِيُّ: بَلْ الْقِيَاسُ اسْتِحْبَابُ الرُّجُوعِ فِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَبَحَثَ فِي الْعَاقِّ أَنَّ الرُّجُوعَ إنْ زَادَهُ عُقُوقًا كُرِهَ أَوْ أَزَالَ عُقُوقَهُ اُسْتُحِبَّ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ شَيْئًا فِيهِمَا أُبِيحَ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ اسْتِحْبَابُ عَدَمِهِ وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا وَافَقَهُ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ فَقَالَ: الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ يَسْتَعِينُ بِهِ فِي مَعْصِيَةٍ، وَتَعَيَّنَ الرُّجُوعُ طَرِيقًا فِي كَفِّهِ أَوْ انْكِفَافِهِ عَنْهَا أَنَّهُ يَجِبُ الرُّجُوعُ حِينَئِذٍ فَتَأَمَّلْهُ. تَجِدْهُ حَقًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اهـ.
وَبَحَثَ أَيْضًا تَحْرِيمَ الْهِبَةِ لِمَنْ يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَصْرِفُ ذَلِكَ فِي الْمَعَاصِي لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعَانَةِ عَلَيْهَا، وَيُسَنُّ لِلْوَلَدِ الْعَدْلُ فِي هِبَتِهِ لِوَالِدَيْهِ فَإِنْ أَرَادَ تَفْضِيلَ أَحَدِهِمَا فَالْأُمُّ أَوْلَى قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ نَحْوَ الْإِخْوَةِ لَا يَجْرِي فِيهِمْ هَذَا الْحُكْمُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: وَيُحْتَمَلُ طَرْدُهُ لِلْإِيحَاشِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَحْذُورَ فِي الْأَوْلَادِ عَدَمُ الْبِرِّ وَهُوَ وَاجِبٌ قَالَ: وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ مَطْلُوبَةٌ لَكِنْ دُونَ طَلَبِهَا فِي الْأَوْلَادِ، وَاَللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَعْلَم.

Komentar

Postingan Populer