MENEPATI JANJI

فتاوى الأزهر - (10 / 406)
الوعد والعهد
عطية صقر .
مايو 1997
القرآن والسنة
هل هناك فرق بين الوعد والعهد ، وهل يجب الوفاء بهما أو يندب ؟
جاء ذكر الوعد والعهد كثيرا فى القرآن والسنة . قال تعالى{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم } النور: 55 ، وقال : {وقال الشيطان لما قضى الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم } إبراهيم : 22 ، وقال {وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم } البقرة : 40 ، وقال {وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا} الإسراء: 34 .
وقال صلى الله عليه وسلم آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان " رواه البخارى ومسلم .
وقال " أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها ، إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر " رواه البخارى ومسلم .
الوعد التزام بتحقيق شىء للغير سواء كان ذلك ابتداء من الشخص دون طلب من الغير أو كان بطلب منه ، والعهد له معان متعددة فى اللغة ، ومنه الوعد الموثق بالأيمان أو بغيرها ، وقد يكون بمعنى الأمر والإلزام للغير كما قال تعالى {ألم أعهد إليكم يا بنى آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين } يس : 60 .
قال العلماء الوفاء بالعهد واجب ، لخطورة الغدر به ، أما الوفاء بالوعد فقيل بوجوبه وقيل بندبه ، وقيل بندبه إن كان من طرف واحد، أى ابتداء من الشخص نفسه . وبوجوبه إن طلب من الغير .
قال ابن حجر فى " فتح البارى ج 5ص 342" قال المهلب : إنجاز الوعد مأمور به ، مندوب إليه عند الجميع وليس بفرض ، وعن بعض المالكية إن ارتبط الوعد بسبب وجب الوفاء به ، وإلا فلا، فمن قال لآخر : تزوج ولك كذا، فتزوج لذلك وجب الوفاء به . وخرَّج بعضهم الخلاف على أن الهبة هل تملك بالقبض أو قبله . وقرأت بخط أبى رحمه الله فى إشكالات على "الأذكار للنووى " ولم يذكر جوابا عن الآية، يعنى قوله تعالى {كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون } الصف : 3 ، وحديث " آية المنافق . . . " .
قال : والدلالة للوجوب منها قوية ، فكيف حملوه على كراهة التنزيه مع الوعيد الشديد ؟ وينظر: هل يمكن أن يقال : يحرم الإخلاف ولا يجب الوفاء ؟ أى يأثم بالإخلاف وإن كان لا يلزم بوفاء ذلك . انتهى ما نقلته عن فتح البارى .
والغزالى فى الإحياء "ج 3 ص 115" بعد أن ذكر نصوصا فى فضل الوفاء بالوعد قال : كان ابن مسعود لا يعد وعدا إلا ويقول : إن شاء الله ، وهو الأولى ، وإذا فهم الجزم فى الوعد فلابد من الوفاء إلا أن يتعذر ، فإن كان عند الوعد عازما على ألا يفى فهذا هو النفاق . وبعد ذكر خصال المنافق الواردة فى الحديث قال : هذا ينزل على من وعد وهو على عزم الخلف ، أو ترك الوفاء من غير عذر، أما من عزم على الوفاء فعنَّ له عذر منعه من الوفاء لم يكن منافقا وإن جرى عليه ما هو صورة النفاق ، ولكن ينبغى أن يحترز من صورة النفاق أيضا كما يحترز من حقيقته ، ولا ينبغى أن يجعل نفسه معذورا من غير ضرورة حاجزة، وذكر حديثا يقول "ليس الخلف أن يعد الرجل الرجل وفى نيته أن يفى" وفى لفظ آخر "إذا وعد الرجل أخاه وفى نيته أن يفى فلم يجد فلا إثم عليه " رواه أبو داود والترمذى وضعفه من حديث زيد بن أرقم باللفظ الثانى . انتهى .
من هذا نرى أن الوفاء بالعهد واجب . وأن الوفاء بالوعد واجب أو مندوب ما لم يكن فى نيته عدم الوفاء، فإن كان فى نيته عدم الوفاء كان خلفا للوعد ومن علامات النفاق

شرح البهجة الوردية - (12 / 438)
ثُمَّ قَالَ م ر : وَيَتَأَكَّدُ اسْتِحْبَابُ الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ كَمَا يَتَأَكَّدُ كَرَاهَةُ إخْلَافِهِ . ا هـ .
وَقَوْلُهُ : كَرَاهَةُ إخْلَافِهِ نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ فِي الْبَحْرِ الْكَرَاهَةَ عَنْ الشَّافِعِيِّ قَالَ ع ش : وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ حَجَرٍ أَنَّ الْوَعْدَ مَعَ نِيَّةِ عَدَمِ الْوَفَاءِ كَبِيرَةٌ وَلَا مُنَافَاةَ لِأَنَّهُ عِنْدَ نِيَّةِ عَدَمِ الْوَفَاءِ يَكُونُ كَذِبًا

الزواجر عن اقتراف الكبائر - (1 / 280)
تَنْبِيهٌ : عَدُّ هَذَا مِنْ الْكَبَائِرِ هُوَ مَا وَقَعَ فِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ ، لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ بِمَا مَرَّ ، وَمِنْهُمْ مَنْ عَبَّرَ بِخُلْفِ الْوَعْدِ ، فَالْعِبَارَتَانِ إمَّا مُتَّحِدَتَانِ أَوْ مُتَغَايِرَتَانِ وَعَلَى كُلٍّ فَقَدْ يُشْكِلُ عَدُّهُمْ مِنْ الْكَبَائِرِ بِأَنَّهُ قَدْ تَقَرَّرَ فِي مَذْهَبِنَا أَنَّ الْوَفَاءَ بِالْوَعْدِ مَنْدُوبٌ لَا وَاجِبٌ وَفِي الْعَهْدِ أَنَّهُ مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ أَوْ حَرَّمَهُ ، وَمُخَالَفَةُ الْمَنْدُوبِ جَائِزَةٌ ، وَالْوَاجِبِ وَالْحَرَامِ تَارَةً تَكُونُ كَبِيرَةً وَتَارَةً تَكُونُ صَغِيرَةً ، فَكَيْفَ يُطْلَقُ أَنَّ عَدَمَ الْوَفَاءِ بِذَلِكَ كَبِيرَةٌ ؟ فَإِنْ أُرِيدَ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِمَا يَكُونُ الْإِخْلَالُ بِهِ كَبِيرَةً كَانَ عَدُّ هَذَا كَبِيرَةً مُسْتَقِلَّةً غَيْرَ سَائِغٍ .
إذْ لَا وُجُودَ لَهُ إلَّا فِي ضِمْنِ غَيْرِهِ مِنْ الْكَبَائِرِ .
وَيُجَابُ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ بِنَاءً عَلَى تَغَايُرِهِمَا عَلَى الْمُلْتَزِمِ بِالنَّذْرِ وَنَحْوِهِ ،

الموسوعة الفقهية الكويتية - (2 / 325)
ما يقع فيه الإخلاف :
3 - يقع الإخلاف في الوعد وفي العهد ومن الفقهاء من جعل الوعد والعهد واحدا ، ومنهم من جعل الوعد غير العهد ، فخص العهد بما أوجبه الله تعالى أو حرمه ، وجعل الوعد فيما عدا ذلك .

الحكم التكليفي للإخلاف :
4 - على التفرقة بين العهد والوعد يكون إخلاف العهد حراما أما الإخلاف بالوعد فقد قال النووي : وقد أجمع العلماء على أن من وعد إنسانا شيئا ليس بمنهي عنه فينبغي أن يفي بوعده وهل ذلك واجب أم مستحب ؟ فيه خلاف بينهم . ذهب الشافعي وأبو حنيفة والجمهور إلى أنه مستحب ، فلو تركه فاته الفضل وارتكب المكروه كراهة تنزيه شديدة ، ولكن لا يأثم . وذهب جماعة إلى أنه واجب ، قال الإمام أبو بكر بن العربي المالكي : أجل من ذهب إلى هذا المذهب عمر بن عبد العزيز .
قال : وذهبت المالكية مذهبا ثالثا أنه إن ارتبط الوعد بسبب كقوله : تزوج ولك كذا ، أو احلف أنك لا تشتمني ولك كذا ، أو نحو ذلك ، وجب الوفاء ، وإن كان وعدا مطلقا لم يجب . واستدل من لم يوجبه بأنه في معنى الهبة ، والهبة لا تلزم إلا بالقبض عند الجمهور ، وعند المالكية : تلزم قبل القبض (1) .
هذا ، وإن من وعد وفي نيته الإخلاف فهو آثم قطعا ، ويصدق عليه أنه على شعبة من النفاق ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان . (2)

Komentar

Postingan Populer