JAMA' SHOLAT

بغية المستر شدين ص77
(فائدة) لنا قول بجواز الجمع فى السفر القصير اختاره البندنيجى وظاهر الحديث جوازه ولو فى الحضر كما فى شرح مسلم 
وقال الخطابى عن ابى اسحق جوازه فى الحضر للحاجة وان لم يكن خوف ولا مطر ولامرض وبه قال ابن منذر. 

(النفحات ص12)
قال فى الفوائد وكذا يجوز الاخذ والعمل لنفسه بالاقوال والطرق والوجوه الضعيفة الا بمقابل الصحيح فان الغالب فيه انه فاسد ويجوز الافتاء به للغير بمعنى الارشاد به.

المجموع شرح المهذب الجزء الرابع ص: 4 ص 384
( فرع ) فى مذاهبهم فى الجمع فى الحضر بلا خوف ولا سفر ولا مطر ولا مرض : مذهبنا ومذهب ابو حنيفة ومالك وأحمد والجمهور أنه لا يجوز وحكى ابن المنذر عن طائفة جوازه بلا سبب قال وجوزه ابن سيرين لحاجة أو مالم يتخذه عادة إهـ

كفاية الأخيار 1/140
قال الاسنائي وما اختاره النووي نص عليه الشافعي في مختصر المزني ويؤيده المعنى ايضا فان المرض يجوز الفطر كالسفر فالجمع اولى 
بل ذهب جماعة من العلماء الى جواز الجمع في الحضر *للحاجة* لمن لا يتخذه عادة وبه قال ابو اسحاق المروزي.

ترشيخ المستفدين ص 134-135
قال السيد يوسف البطاخ في تشنيف السمع ومن الشافعية وغيرهم من ذهب الى جواز الجمع تقديما مطلقا لغير سفر ولا مرض ولا غيرهما من الاعذار

مواضع صفة الصلاة
الجمع في السفر الذي تقصر فيه الصلاة
المرتع المشبع في مواضع من الروض المربع

قوله: (يجوز الجمع في سفر قصر، ولمريض يلحقه بتركه مشقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع من غير خوف ولا مطر، وفي رواية: من غير خوف ولا سفر. رواهما مسلم[1]، من حديث ابن عباس، ولا عُذر بعد ذلك إلا المرض...) إلى آخره[2].
قال في "الإفصاح": "واختلفوا في الجمع بين الصلاتين في السفر الذي تقصر فيه الصلاة، فيجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء الآخرة.
فقال أبو حنيفة[3]: لا يجمع بين الصلاتين في وقت واحد بحضر ولا سفر إلا بعرفة والمزدلفة في حق المحرم.
وقال مالك[4] والشافعي[5] وأحمد[6]: يجوز ذلك على الإطلاق.
ثم اختلفوا - أعني القائلين بالجمع - في جواز الجمع في السفر القصير:
فقال مالك[7] وأحمد[8]: لا يجوز.
وعن الشافعي[9] قولان.
ويجوز الجمع في الحضر لعُذر المطر بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء عند الشافعي[10] وأحمد[11].
وقال أبو حنيفة[12]: لا يجوز ذلك على الإطلاق؛ بل يجوز إذا كانت الصلاة في جماعة أن يؤخر الظهر إلى آخر وقتها، ثم يصليها جماعة بحيث إذا فرغ من فعلها دخل وقت العصر، فيصلي صلاة العصر في أول وقتها وكذلك في العشاءين، وكذلك له أن يفعل في السفر، وإن لم تكن الصلاة في جماعة.
وقال مالك[13]: يجوز الجمع في الحضر للمطر في المغرب والعشاء دون الظهر والعصر.

واختلفوا في الجمع بين الصلاتين للمريض:
فقال مالك[14]، وأحمد[15]: يجوز.
وقال أبو حنيفة[16]، والشافعي[17]: لا يجوز"[18].
وقال ابن رشد: "وأما الجمع فإنه يتعلق به مسائل ثلاث:
أحدها: جوازه.
والثانية: في صفة الجمع.
والثالثة: في مبيحات الجمع.

أما جوازه: فإنهم أجمعوا[19] على أن الجمع بين الظهر والعصر في وقت الظهر بعرفة سنة، وبين المغرب [145أ] والعشاء بالمزدلفة أيضاً في وقت العشاء سنة أيضاً.

واختلفوا في الجمع في غير هذين المكانين:
فأجازه الجمهور[20] على اختلاف بينهم في المواضع التي يجوز فيها من التي لا يجوز.
ومنعه أبو حنيفة[21] وأصحابه بإطلاق.

وسبب اختلافهم:
أولاً: اختلافهم في تأويل الآثار التي رُويت في الجمع والاستدلال منها على جواز الجمع؛ لأنها كلها أفعال وليست أقوالاً، والأفعال يتطرق الاحتمال إليها كثيراً، أكثر من تطرقه إلى اللفظ.
وثانياً: اختلافهم أيضاً في تصحيح بعضها.
وثالثاً: اختلافهم أيضاً في إجازة القياس في ذلك، فهي ثلاثة أسباب كما ترى.

أما الآثار التي اختلفوا في تأويلها، فمنها حديث أنس الثابت باتفاق، أخرجه البخاري ومسلم، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما، فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل، صلى الظهر ثم ركب[22].
ومنها حديث ابن عمر أخرجه الشيخان أيضاً، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل به السير في السفر يؤخر المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء[23].
والحديث الثالث: حديث ابن عباس خرجه مالك ومسلم، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً في غير خوفٍ ولا سفر[24].

فذهب القائلون بجواز الجمع[25] في تأويل هذه الأحاديث إلى أنه أخر الظهر إلى وقت العصر المختص بها وجمع بينهما.
وذهب الكوفيون[26] إلى أنه إنما أوقع صلاة الظهر في آخر وقتها، وصلاة العصر في أول وقتها على ما جاء في حديث إمامة جبريل[27].
قالوا: وعلى هذا يصح حمل حديث ابن عباس؛ لأنه قد انعقد الإجماع أنه لا يجوز هذا في الحضر لغير عذر - أعني: أن تصلَّى الصلاتان معاً في وقت إحداهما - واحتجوا لتأويلهم أيضاً بحديث ابن مسعود، قال: والذي لا إله غيره ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة قط إلا في وقتها، إلا صلاتين جمع بين الظهر والعصر بعرفة وبين المغرب والعشاء بجمع[28].
قالوا: وأيضاً فهذه [145ب] الآثار محتملة أن تكون على ما تأولناه نحن أو تأولتموه أنتم، وقد صح توقيت الصلاة وتبيانها في الأوقات، فلا يجوز أن تنتقل عن أصل ثابت بأمر محتمل.

وأما الأثر الذي اختلفوا في تصحيحه فما رواه مالك من حديث معاذ بن جبل: أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال: فأخر الصلاة يوماً ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعاً، ثم دخل، ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعاً[29].
وهذا الحديث - لو صح[30] - لكان أظهر من تلك الأحاديث في إجازة الجمع؛ لأن ظاهره أنه قدم العشاء إلى وقت المغرب، وإن كان لهم أن يقولوا: إنه أخر المغرب إلى آخر وقتها وصلى العشاء في أول وقتها؛ لأنه ليس في الحديث أمر مقطوع به على ذلك؛ بل لفظ الراوي محتمل.

وأما اختلافهم في إجازة القياس في ذلك، فهو أن يلحق سائر الصلوات في السفر بصلاة عرفة والمزدلفة - أعني: أن يجاز الجمع قياساً على تلك - فيقال مثلاً: صلاة وجبت في سفر فجاز أن تجمع، أصله جمع الناس بعرفة والمزدلفة، وهو مذهب سالم بن عبد الله - أعني: جواز هذا القياس - لكن القياس في العبادات يضعف، فهذه هي أسباب الخلاف الواقع في جواز الجمع.

وأما المسألة الثانية: وهي صورة الجمع، فاختلف فيه أيضاً القائلون بالجمع - أعني: في السفر - فمنهم من رأى أن الاختيار أن تؤخر الصلاة الأولى، وتصلَّى مع الثانية، وإن جمعتا معاً في أول وقت الأولى جاز، وهي إحدى الروايتين عن مالك[31].

ومنهم من سوَّى بين الأمرين - أعني: أن يقدم الآخرة إلى وقت الأولى أو يعكس - وهو مذهب الشافعي[32]، وهي رواية أهل المدينة عن مالك[33]، والأولى رواية ابن القاسم عنه، وإنما كان الاختيار عند مالك هذا النوع من الجمع؛ لأنه الثابت من حديث أنس (146أ) ومن سوَّى بينهما فمصيراً إلى أنه لا يرجح بالعدالة، أعني: أنها لا تفضل عدالةٌ عدالةً في وجوب العمل بها.

ومعنى هذا: أنه إذا صحَّ حديث معاذ وجب العمل به، كما وجب بحديث أنس إذا كان رواة الحديثين عدولاً، وإن كان رواة أحد الحديثين أعدل.

وأما المسألة الثالثة: وهي الأسباب المبيحة للجمع فاتفق القائلون بجواز الجمع على أن السفر منها[34]، واختلفوا في الجمع في الحضر. وفي شروط السفر المبيح له، وذلك أن السفر منهم من جعله سبباً مبيحاً للجمع - أيَّ سفر كان، وبأي صفة كان - ومنهم من اشترط فيه ضرباً من السير ونوعاً من أنواع السفر.
فأما الذي اشترط فيه ضرباً من السير فهو مالك[35] في رواية ابن القاسم عنه، وذلك أنه قال: لا يجمع المسافر إلا أن يجدَّ به السير.
ومنهم من لم يشترط ذلك، وهو الشافعي[36]، وهي إحدى الروايتين عن مالك[37]، ومن ذهب هذا المذهب، فإنما راعى قول ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عَجَّلَ به السير... الحديث[38].
ومن لم يذهب هذا المذهب، فإنما راعى ظاهر حديث أنس وغيره.
وكذلك اختلفوا - كما قلنا - في نوع السفر الذي يجوز فيه الجمع: فمنهم من قال: هو سفر القربة كالحج والغزو، وهو ظاهر رواية ابن القاسم[39].
ومنهم من قال: هو السفر المباح دون سفر المعصية، وهو قول الشافعي[40]، وظاهر رواية المدنيين عن مالك[41].

والسبب في اختلافهم في هذا: هو السبب في اختلافهم في السفر الذي تقصر فيه الصلاة، وإن كان هنالك التعميم؛ لأن القصر نُقل قولاً وفعلاً، والجمع إنما نُقل فعلاً فقط، فمن اقتصر به على نوع السفر الذي جمع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجزه في غيره، ومن فهم منه الرخصة للمسافر عدَّاه إلى غيره من الأسفار.

وأما الجمع في الحضر لغير عُذر: فإن مالكاً[42] وأكثر الفقهاء يجيزونه، وأجاز ذلك جماعة من أهل الظاهر[43]، وأشهب من أصحاب مالك[44].

وسبب اختلافهم:
اختلافهم في مفهوم حديث ابن عباس (146ب) فمنهم من تأوَّله على أنه كان في مطر - كما قال مالك[45] - ومنهم من أخذ بعمومه مطلقاً، وقد خرج مسلم زيادة في حديثة وهو قوله: في غير خوف ولا سفر ولا مطر[46]. وبهذا تمسك أهل الظاهر[47].

وأما الجمع في الحضر لعُذر المطر فأجازه الشافعي[48] - ليلاً كان أو نهاراً - ومنعه مالك[49] في النهار، وأجازه في الليل، وأجازه أيضاً في الطين دون المطر في الليل؛ وقد عَذَلَ الشافعي مالكاً في تفريقه من صلاة النهار في ذلك وصلاة الليل؛ لأنه روى الحديث وتأوله - أعني: خصص عمومه من جهة القياس - وذلك أنه قال في قول ابن عباس: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر[50]: أرى ذلك كان في مطر[51].

قال: فلم يأخذ بعموم الحديث ولا بتأويله - أعني: تخصيصه - بل ردَّ بعضه وتأوَّل بعضه، وذلك شيء لا يجوز بإجماع، وذلك أنه لم يأخذ بقوله فيه: (جمع بين الظهر والعصر)، وأخذ بقوله: (والمغرب والعشاء) وتأوَّله.

وأحسب أن مالكاً رحمه الله إنما ردَّ بعض هذا الحديث؛ لأنه عارضه العمل، فأخذ منه بالبعض الذي لم يعارضه العمل، وهو الجمع في الحضر بين المغرب والعشاء، على ما روي: أن ابن عمر كان إذا جمع الأمراءُ بين المغرب والعشاء جمع معهم، لكن النظر في هذا الأصل الذي هو العمل كيف يكون دليلاً شرعياً فيه نظر، فإن متقدمي شيوخ المالكية كانوا يقولون: إنه من باب الإجماع، وذلك لا وجه له، فإن إجماع البعض لا يحتج به، وكان متأخروهم يقولون: إنه من باب نقل التواتر. ويحتجون في ذلك بالصاع وغيره مما نقله أهل المدينة خلفاً عن سلف.

والعمل إنما هو فعل، والفعل لا يفيد التواتر، إلا أن يقترن بالقول، فإن التواتر طريقة الخبر لا العمل، وبأنّ جعل الأفعال تفيد التواتر عسير؛ بل لعله ممنوع.

والأشبه عندي: أن يكون من باب عموم البلوى الذي يذهب إليه أبو حنيفة، وذلك أن لا يجوز أن يكون أمثال هذه السُّنن (147أ) مع تكرارها وتكرر وقوع أسبابها غير منسوخة، ويذهب العمل بها على أهل المدينة الذين تلقوا العمل بالسنن خلفاً عن سلف، وهو أقوى من عموم البلوى الذي يذهب إليه أبو حنيفة؛ لأن أهل المدينة أحرى ألا يذهب ذلك عليهم من غيرهم من الناس الذين يعتبرهم أبو حنيفة في طريق النقل.

وبالجملة: العمل لا يشك أنه قرينة إذا اقترنت بالشيء المنقول؛ إن وافقته أفادت به غلبة ظن، وإن خالفته أفادت به ضعف ظن.

فأما هل تبلغ هذه القرينة مبلغاً ترد بها أخبار الآحاد الثابتة؟ ففيه نظر، وعسى أنها تبلغ في بعض، ولا تبلغ في بعض؛ لتفاضل الأشياء في شدة عموم البلوى بها، وذلك أنه كلما كانت السنة الحاجة إليها أمس، وهي كثيرة التكرار على المكلفين كان نقلها من طريق الآحاد من غير أن ينتشر قولاً أو عملاً فيه ضعف، وذلك أنه يوجب ذلك أحد أمرين: إما أنها منسوخة، وإما أن النقل فيه اختلال، وقد بين ذلك المتكلمون كأبي المعالي وغيره.

وأما الجمع في الحضر للمريض، فإن مالكاً[52] أباحه له إذا خاف أن يُغمى عليه، أو كان به بطن، ومنع ذلك الشافعي[53].

والسبب في اختلافهم: هو اختلافهم في تعدي عِلة الجمع في السفر - أعني: المشقة - فمن طرد العلة رأى أن هذا من باب الأولى والأحرى، وذلك أن المشقة على المريض في إفراد الصلوات أشد منها على المسافر، ومن لم يعد هذه العلة وجعلها كما يقولون قاصرة - أي: خاصة بذلك دون غيره - لم يجز ذلك[54] (147ب).

وقال في "الاختيارات": والجمع بين الصلاتين في السفر يختص بمحل الحاجة؛ لأنه من رخص السفر [المطلقة كالقصر وهو مذهب مالك.
ويفعل الأرفق به في جمع السفر] من تقديم وتأخير، وهو ظاهر مذهب أحمد[55] المنصوص عليه.
ويجمع لتحصيل الجماعة، وللصلاة في الحمام مع جوازها فيه خوف فوات الوقت، ولخوف تحرج في تركه.
وفي "الصحيحين": من حديث ابن عباس أنه سُئل: لِمَ فعل ذلك؟ قال: أراد ألا يُحرِج أحداً من أمته[56]، فلم يعلله بمرض ولا غيره.

وأوسع المذاهب في الجمع مذهب أحمد[57]، فإنه جوَّز الجمع إذا كان له شُغل، كما روى النسائي ذلك مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم[58]، وأوَّل القاضي وغيره نص أحمد على أن المراد بالشُّغل: الذي يبيح ترك الجمعة والجماعة[59].

وقال البخاري: "باب: تأخير الظهر إلى العصر.
حدثنا أبو النعمان قال: حدثنا حماد - هو ابن زيد - عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعاً وثمانياً الظهر والعصر، والمغرب والعشاء. فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة. قال: عسى[60]".

قال الحافظ:
"قوله: (باب: تأخير الظهر إلى العصر) أي: إلى أول وقت العصر، والمراد أنه عند فراغه منها دخل وقت صلاة العصر، كما سيأتي عن أبي الشعثاء راوي الحديث، وقال الزين بن المنير: أشار البخاري إلى إثبات القول باشتراك الوقتين، لكن لم يصرح بذلك على عادته في الأمور المحتملة؛ لأن لفظ الحديث يحتمل ذلك ويحتمل غيره.

قال: والترجمة مشعِرة بانتفاء الفاصلة بين الوقتين، وقد نقل ابن بطَّال[61] عن الشافعي وتبعه غيره، فقالوا: قال الشافعي: بين وقت الظهر وبين وقت العصر فاصلة، لا تكون وقتاً للظهر ولا للعصر.

قال الحافظ: ولا يُعرف ذلك في كتب المذهب عن الشافعي، وإنما المنقول عنه[62] أنه كان يذهب إلى أن آخر وقت الظهر ينفصل من أول وقت العصر ومراده نفي القول بالاشتراك، ويدل عليه أنه احتج بقول ابن عباس: وقت الظهر إلى العصر، والعصر إلى المغرب[63]، فكما أنه لا اشتراك بين العصر والمغرب فكذلك لا اشتراك بين الظهر والعصر.

قوله: (عن جابر بن زيد) هو أبو الشعثاء، والإسناد كله بصريون.
قوله: (سبعاً وثمانياً) أي: سبعاً جميعاً، وثمانياً جميعاً كما صرَّح به في باب: وقت المغرب من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار.

قوله: (فقال أيوب) هو السختياني، والمقول له هو أبو الشعثاء. قوله: (عسى) أي: أن يكون كما قلت، واحتمال المطر، قال به أيضاً مالك عقب إخراجه لهذا الحديث، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس... نحوه[64]، وقال بدل قوله: (بالمدينة): (من غير خوف ولا سفر، قال مالك: لعله كان في مطر) لكن رواه مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير بلفظ: (من غير خوف ولا مطر) [65]، فانتفى أن يكون الجمع المذكور للخوف أو السفر أو المطر.

وجوَّز بعض العلماء أن يكون الجمع المذكور للمرض، وقوَّاه النووي[66]، وفيه نظرٌ؛ لأنه لو كان جمعه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين لعارض المرض؛ لما صلَّى معه إلا من به نحو ذلك العُذر، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جمع بأصحابه، وقد صرح بذلك ابن عباس في روايته[67]، قال النووي[68]: ومنهم من تأوَّله على أنه كان في غيم، ثم انكشف الغيم مثلاً فبان أن وقت العصر دخل فصلاها، قال: وهو باطلٌ؛ لأنه وإن كان فيه أدنى احتمال في الظهر والعصر، فلا احتمال فيه في المغرب والعشاء.

قال الحافظ: وكأن نفيه الاحتمال مبني على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد، والمختار عنده خلافه، وهو أن وقتها يمتد إلى العشاء، فعلى هذا فالاحتمال قائم.

قال: ومنهم من تأوَّله على أن الجمع المذكور صوري، بأن يكون أخّر الظهر إلى آخر وقتها، وعجَّل العصر في أول وقتها. قال: وهو احتمال ضعيف أو باطل؛ لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل.

قال الحافظ:
وهذا الذي ضعَّفه استحسنه القرطبي[69]، ورجَّحه قبله إمام الحرمين، وجزم به من القدماء: ابن الماجشون والطحاوي[70]، وقوَّاه ابن سيد الناس[71]، بأن أبا الشعثاء - هو راوي الحديث عن ابن عباس - قد قال به، وذلك فيما رواه الشيخان من طريق ابن عيينة، عن عمرو بن دينار... فذكر هذا الحديث، وزاد: (قلت: يا أبا الشعثاء: أظنه أخَّر الظهر وعجَّل العصر، وأخَّر المغرب وعجَّل العشاء. قال: وأنا أظنه)[72]، قال ابن سيد الناس: وراوي الحديث أدرى بالمراد من غيره.

قال الحافظ:
لكن لم يجزم بذلك؛ بل لم يستمر عليه، فقد تقدم كلامه لأيوب، وتجويزه لأن يكون الجمع بعذر المطر، لكن يقوي ما ذكره من الجمع الصوري أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع، فإما أن تحمل على مطلقها؛ فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر، وإما أن تحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج، ويجمع بها بين مفترق الأحاديث، والجمع الصوري أولى، والله أعلم.

وقد ذهب جماعة من الأئمة إلى الأخذ بظاهر هذا الحديث؛ فجوزوا الجمع في الحضر للحاجة مطلقاً، لكن بشرط ألا يتخذ ذلك عادة، وممن قال به: ابن سيرين، وربيعة، وأشهب، وابن المنذر، والقفال الكبير.

وحكاه الخطابي[73] عن جماعة من أصحاب الحديث، واستدل لهم بما وقع عند مسلم في هذا الحديث من طريق سعيد بن جبير، قال: فقلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: أراد ألا يُحرِج أحداً من أمته[74].

وللنسائي من طريق عمرو بن هرم، عن أبي الشعثاء أن ابن عباس صلى بالبصرة الأولى والعصر ليس بينهما شيء، والمغرب والعشاء ليس بينهما شيء، فعل ذلك من شُغل، وفيه: (رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم)[75].

وفي رواية لمسلم من طريق عبد الله بن شقيق أن شُغل ابن عباس المذكور كان بالخطبة، وأنه خطب بعد صلاة العصر إلى أن بدت النجوم، ثم جمع بين المغرب والعشاء[76].

وفيه تصديق أبي هريرة لابن عباس في رفعه، وما ذكره ابن عباس من أن التعليل ينفي الحرج ظاهر في مطلق الجمع، وقد جاء مثله عن ابن مسعود مرفوعاً، أخرجه الطبراني، ولفظه: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، فقيل له في ذلك، فقال: "صنعتُ هذا لئلا تحرج أمتي"[77]، وإرادة نفي الحرج يقدح في حمله على الجمع الصوري؛ لأن القصد إليه لا يخلو عن حرج"[78].
_____________________________________

[1] مسلم (705).
[2] الروض المربع ص118.
[3] المبسوط 1/149، وفتح القدير 1/407، وحاشية ابن عابدين 1/398 - 399.
[4] الشرح الصغير 1/174، وحاشية الدسوقي 1/368 - 369.
[5] تحفة المحتاج 2/393 - 394، ونهاية المحتاج 2/272 - 273.
[6] كشاف القناع 3/287، وشرح منتهى الإرادات 1/611.
[7] الشرح الصغير 1/174، وحاشية الدسوقي 1/368.
[8] كشاف القناع 3/287، وشرح منتهى الإرادات 1/611.
[9] تحفة المحتاج 2/394، ونهاية المحتاج 2/273.
[10] تحفة المحتاج 2/402، ونهاية المحتاج 2/281.
[11] مذهب أحمد اختصاص جمع الصلاة بعذر المطر في العشاءين؛ لا الظهرين في أصح الوجهين.
انظر: الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير 5/93 - 94، وشرح منتهى الإرادات 1/613 - 614، وكشاف القناع 3/291- 292.
[12] المبسوط 1/149، وفتح القدير 1/407، وحاشية ابن عابدين 1/398.
[13] الشرح الصغير 1/175، وحاشية الدسوقي 1/370.
[14] الشرح الصغير 1/175، وحاشية الدسوقي 1/369.
[15] كشاف القناع 3/289، وشرح منتهى الإرادات 1/612.
[16] المبسوط 1/149، وفتح القدير 1/407، وحاشية ابن عابدين 1/398.
[17] تحفة المحتاج 2/404، ونهاية المحتاج 2/282.
[18] الإفصاح 1/222 - 223.
[19] الإجماع (38). وفتح القدير 1/407، وحاشية ابن عابدين 1/398 - 399. والشرح الصغير 1/174، وحاشية الدسوقي 1/368. وتحفة المحتاج 2/394، ونهاية المحتاج 2/274. وشرح منتهى الإرادات 1/611، وكشاف القناع 3/287.
[20] الشرح الصغير 1/174، وحاشية الدسوقي 1/368. وتحفة المحتاج 2/ 393 - 394، ونهاية المحتاج 2/272 - 273. وشرح منتهى الإرادات 1/611، وكشاف القناع 3/287.
[21] المبسوط 1/149، وفتح القدير 1/407، وحاشية ابن عابدين 1/ 398.
[22] البخاري (1111)، ومسلم (704).
[23] البخاري (1109)، ومسلم (703).
[24] مسلم (705)، ومالك 1/144 - 145 (368).
[25] الشرح الصغير 1/174، وحاشية الدسوقي 1/368. وتحفة المحتاج 2/393 - 394، ونهاية المحتاج 2/272 - 273. وشرح منتهى الإرادات 1/611، وكشاف القناع 3/287.
[26] فتح القدير 1/407، وحاشية ابن عابدين 1/398.
[27] أخرجه أبو داود (393)، والترمذي (149)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
قال الترمذي: حسن صحيح.
[28] أخرجه البخاري (1682)، ومسلم (1289).
[29] مالك 1/143 - 144 (328). ومن طريقه أخرجه مسلم (706) بتمامه بعد حديث (2281).
[30] قد صح، فقد أخرجه مسلم كما تقدم.
[31] الشرح الصغير 1/175، وحاشية الدسوقي 1/368- 369.
[32] تحفة المحتاج 2/404، ونهاية المحتاج 2/282.
[33] الشرح الصغير 1/175، وحاشية الدسوقي 1/368-369.
[34] الشرح الصغير 1/174، وحاشية الدسوقي 1/368. وتحفة المحتاج 2/393-394، ونهاية المحتاج 2/272-273. وشرح منتهى الإرادات 1/611، وكشاف القناع 3/287.
[35] المدونة 1/116-117.
[36] تحفة المحتاج 2/371، نهاية المحتاج 2/249.
[37] الشرح الصغير 1/174، وحاشية الدسوقي 1/368.
[38] البخاري (1109)، ومسلم (703).
[39] الشرح الصغير 1/174، وحاشية الدسوقي 1/368.
[40] تحفة المحتاج 2/387، ونهاية المحتاج 2/263.
[41] الفواكه الدواني 1/274، والشرح الصغير 1/174، وحاشية الدسوقي 1/368.
[42] المدونة 1/115.
[43] المحلى 2/205.
[44] المنتقى شرح الموطأ 1/255.
[45] المنتقى شرح الموطأ 1/256.
[46] مسلم (705).
[47] المحلى 2/205.
[48] تحفة المحتاج 2/402، ونهاية المحتاج 2/280-281.
[49] الشرح الصغير 1/175، وحاشية الدسوقي 1/370.
[50] أخرجه البخاري (543)، ومسلم (705).
[51] المنتقى شرح الموطأ 1/256.
[52] الشرح الصغير 1/175، وحاشية الدسوقي 1/369.
[53] تحفة المحتاج 2/404، ونهاية المحتاج 2/282.
[54] بداية المجتهد 1/157-161.
[55] كشاف القناع 3/288، وشرح منتهى الإرادات 1/614.
[56] مسلم (705)، ولم أقف عليه في البخاري.
[57] كشاف القناع 3/290، وشرح منتهى الإرادات 1/613.
[58] النسائي 1/98. وأخرجه أيضاً الطيالسي ص341 (2614)، من طريق حبيب بن أبي حبيب، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس رضي الله عنه: أنه صلى بالبصرة الأولى والعصر ليس بينهما شيء، والمغرب والعشاء ليس بينهما شيء، فعل ذلك من شُغُل، وزعم ابن عباس أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الأولى والعصر ثمان سجدات ليس بينهما شيء.
قال الألباني في الإرواء 3/35: إسناده جيد، وهو على شرط مسلم.
[59] الاختيارات الفقهية ص73-74.
[60] البخاري (543). وأخرجه أيضاً مسلم (705).
[61] شرح صحيح البخاري 3/211.
[62] نهاية المحتاج 1/365، ومغني المحتاج 1/122.
[63] أخرجه عبد الرزاق 1/584 (2226).
[64] مالك 1/144 (330)، ومن طريقه مسلم (705).
[65] مسلم (705)، وأبو داود (1210)، والنسائي 1/290.
[66] شرح صحيح مسلم 5/218-219.
[67] مسلم (705).
[68] شرح صحيح مسلم 5/218.
[69] المفهم 2/346.
[70] شرح معاني الآثار 1/162.
[71] النفح الشذي 4/8.
[72] البخاري (1174)، ومسلم (705).
[73] معالم السنن 1/265.
[74] مسلم (705).
[75] النسائي 1/286، وقد تقدم تخريجه 2/206.
[76] مسلم (705).
[77] الطبراني 10/218 (10525).
قال الهيثمي في المجمع 2/161: فيه عبدالله بن عبد القدوس، ضعَّفه ابن معين والنسائي ووثَّقه ابن حبان.
وقال البخاري: صدوق، إلا أنه يروي عن أقوام ضعفاء، قلت: وقد روى هذا عن الأعمش، وهو ثقة.
[78] فتح الباري 2/23-24.

Komentar

Postingan Populer