ISTIHSAN

الحاوي الكبير للماوردي ـ ط الفكر - (16 / 316)

إِبْطَالُ الِاسْتِحْسَانِ 
مَسْأَلَةٌ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَحْسِنَ بِغَيْرِ قِيَاسٍ وَلَوْ جَازَ ذَلِكَ لَجَازَ أَنْ يُشَرِّعَ فِي الدِّينِ .
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : أَمَّا الِاسْتِحْسَانُ فِيمَا أَوْجَبَتْهُ أَدِلَّةُ الْأُصُولِ وَاقْتَرَنَ بِهِ اسْتِحْسَانُ الْعُقُولِ فَهُوَ حُجَّةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهَا .
فَأَمَّا اسْتِحْسَانُ الْعُقُولِ إِذَا لَمْ يُوَافِقْ أَدِلَّةَ الْأُصُولِ فَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ .
وَالْعَمَلُ بِدَلَائِلِ الْأُصُولِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْجَبُ وَهِيَ أَحْسَنُ فِي الْعُقُولِ مِنْ الِانْفِرَادِ عَنْهَا .

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : الِاسْتِحْسَانُ فِي الشَّرْعِ حُجَّةٌ تُوجِبُ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ .
وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُهُ فِي بَيَانِ مَذْهَبِهِ فِيهِ : فَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ الْعَمَلُ بِأَقْوَى الْقِيَاسَيْنِ .
وَهَذَا مِمَّا نُوَافِقُهُ عَلَيْهِ : لِأَنَّهُ الْأَحْسَنُ .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ الْقَوْلُ بِتَخْصِيصِ الْعِلَّةِ كَمَا خَصَّ خُرُوجَ الْجِصِّ وَالنَّوَرَةِ مِنْ عِلَّةِ الرِّبَا وَإِنْ كَانَ مَكِيلًا .
وَهَذَا أَصْلٌ نُخَالِفُهُ فِيهِ : وَلِلْكَلَامِ عَلَيْهِ مَوْضِعٌ غَيْرُ هَذَا .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : أَنْ يَتْرُكَ أَقْوَى الْقِيَاسَيْنِ بِأَضْعَفِهِمَا إِذَا كَانَ حَسَنًا ، كَالشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا فِي الزَّوَايَا .
وَهَذَا نُخَالِفُهُ فِيهِ : لِأَنَّ أَقْوَى الْقِيَاسَيْنِ عِنْدَنَا أَحْسَنُ مِنْ أَضْعَفِهِمَا .
وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ مَا غَلَبَ فِي الظَّنِّ وَحَسُنَ فِي الْعَقْلِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَلَا أَصْلٍ وَإِنْ دَفَعَهُ مِنْ دَلَائِلِ الشَّرْعِ أَصْلٌ .
هَذَا هُوَ أَفْسَدُ الْأَقَاوِيلِ كُلِّهَا .

أَدِلَّةُ الْقَائِلِينَ بِالِاسْتِحْسَانِ .
وَاسْتَدَلُّوا عَلَى الْعَمَلِ بِالِاسْتِحْسَانِ فِي الْجُمْلَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [ الزُّمَرِ : ] .
وَبِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - {صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} - أَنَّهُ قَالَ : " مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ الجزء السادس عشر < 164 > قَالُوا وَلِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَحْكَامٍ عَدَلُوا عَنِ الْأُصُولِ فِيهَا إِلَى الِاسْتِحْسَانِ ، مِنْهَا دُخُولُ الْوَاحِدِ إِلَى الْحَمَّامِ ، يَسْتَعْمِلُ مَاءً غَيْرَ مُقَدَّرٍ ، وَيَقْعُدُ فِيهِ زَمَانًا غَيْرَ مُقَدَّرٍ ، وَيُعْطِي عَنْهُ عِوَضًا غَيْرَ مُقَدَّرٍ ، وَيَشْرَبُ مِنَ السَّاقِي مَاءً غَيْرَ مُقَدَّرٍ وَيُعْطِي عَنْهُ عِوَضًا غَيْرَ مُقَدَّرٍ ، وَيَشْتَرِي الْمَأْكُولَ بِالْمُسَاوَمَةِ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ يَتَلَفَّظُ فِيهِ بِبَدَلٍ وَقَبُولٍ ، وَهَذَا مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ ، وَقَدْ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِ اسْتِحْسَانًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ حُجَّةٌ وَإِنْ لَمْ يَقْتَرِنْ بِحُجَّةٍ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ الِاحْتِجَاجِ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْسَانِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [ النِّسَاءِ : ] .
فَجَعَلَ الْأَحْسَنَ فِي التَّنَازُعِ مَا كَانَ مَأْخُوذًا عَنْ أَوَامِرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ - {صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} - وَكَفَى بِالتَّنَازُعِ قُبْحًا أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنْ غَيْرِهِمَا . وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ [ النِّسَاءِ : ] . فَنَفَى الْعِلْمَ عَنْ غَيْرِ الْمُسْتَنْبِطِ .

وَالِاسْتِنْبَاطُ هُوَ الْبِنَاءُ عَلَى مَعَانِي الْأُصُولِ دُونَ الظَّنِّ وَالِاسْتِحْسَانِ .
وَلِأَنَّ فِي الظَّنِّ وَالِاسْتِحْسَانِ اتِّبَاعًا لِهَوًى ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [ ص : ] .
وَلِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ مُجْمَعًا عَلَيْهِ أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ .
فَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ ، وَجَبَ اتِّبَاعُ الْإِجْمَاعِ فِيهِ .
وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [ الشُّورَى : ] .
وَلَمْ يَقُلْ إِلَى الِاسْتِحْسَانِ وَلِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ بِالدَّلِيلِ يُوجِبُ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ .
وَالِاسْتِحْسَانُ بِغَيْرِ دَلِيلٍ يُوقِعُ الِاخْتِلَافَ فِيهِ لِاخْتِلَافِ الْآرَاءِ وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا [ النِّسَاءِ : ] . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ فِيهِ .
وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاسْتِحْسَانُ بِالْعَقْلِ مُغْنِيًا فِي أَحْكَامِ الشَّرْعِ عَنْ أُصُولِ الشَّرْعِ لَاسْتَغْنَى بِعَقْلِهِ عَنِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَلَجَازَ لَهُ أَنْ يُشَرِّعَ فِي الدِّينِ بِعَقْلِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْعٍ ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ : أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى [ الْقِيَامَةِ : ] . يَعْنِي : غَيْرَ مَأْمُورٍ وَلَا مَنْهِيٍّ .
وَلِأَنَّ الْقِيَاسَ أَقْوَى مِنَ الِاسْتِحْسَانِ لِجَوَازِ تَخْصِيصِ الْعُمُومِ بِالْقِيَاسِ دُونَ الِاسْتِحْسَانِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهِ الِاسْتِحْسَانُ .
وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الِاسْتِحْسَانُ دَلِيلًا لَجَازَ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي تَرْكِ الِاسْتِحْسَانِ دَلِيلًا فَيَؤُولُ إِثْبَاتُهُ إِلَى إِبْطَالِهِ .

الْجَوَابُ عَلَى أَدِلَّةِ الْقَائِلِينَ بِهِ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [ الزُّمَرِ : ] .
فَمِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّهُ أَمَرَهُ بِاتِّبَاعِ الْأَحْسَنِ دُونَ الْمُسْتَحْسَنِ وَالْأَحْسَنُ مَا كَانَ فِي نَفْسِهِ حَسَنًا وَالْمُسْتَحْسَنُ مَا اسْتَحْسَنَهُ الْغَيْرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَسَنًا فَافْتَرَقَا ، وَلَزِمَ اتِّبَاعُ الْأَحْسَنِ دُونَ الْمُسْتَحْسَنِ .
وَالْجَوَابُ الثَّانِي : أَنَّهُ وَارِدٌ فِيمَا جَاءَ بِهِ الْكِتَابُ مِنْ ثَوَابِ الطَّاعَاتِ وَعِقَابِ الْمَعَاصِي فَيَتَّبِعُونَ الْأَحْسَنَ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَةِ وَاجْتِنَابِ الْمَعْصِيَةِ .
وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ : أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا جُعِلَ لَهُ مِنِ اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ ، وَنُدِبَ إِلَيْهِ مِنَ الْعَفْوِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ [ الْبَقَرَةِ : ] .
فَجُعِلَ لَهُ الْقِصَاصُ وَنُدِبَ فِيهِ إِلَى الْعَفْوِ فَكَانَ الْعَفْوُ أَحْسَنَ مِنَ الْقِصَاصِ .
فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ : " مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ حَسَنٌ عِنْدَ اللَّهِ " فَمِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حُجَّةٌ . وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يَخْلُو مُرَادُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ : إِمَّا أَنْ يُرِيدَ مَا رَآهُ جَمِيعُ الْمُسْلِمِينَ حَسَنًا فَهُوَ الْإِجْمَاعُ وَنَحْنُ نَقُولُ بِهِ .
أَوْ يُرِيدُ مَا رَآهُ بَعْضُهُمْ حَسَنًا فَلَيْسَ بَعْضُهُمُ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ بِأَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ الَّذِي اسْتَقْبَحَهُ وَهَذَا يَتَعَارَضُ فَصَارَ مَحْمُولًا عَلَى الْإِجْمَاعِ دُونَ الِاخْتِلَافِ .
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى اسْتِحْسَانِ مَا خَالَفَ الْأُصُولَ فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْأَمْثِلَةِ فَمِنْ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا انْعَقَدَ فَصِرْنَا إِلَيْهِ بِالْإِجْمَاعِ لَا بِالِاسْتِحْسَانِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ مَا تَرَاضَى بِهِ النَّاسُ فِي مُعَامَلَاتِهِمْ وَتَسَامَحُوا بِهِ فِي عُرْفِهِمْ لَمْ يُعَارِضُوا فِيهِ مَا لَمْ يُفْضِ إِلَى الرِّبَا وَاسْتِبَاحَةِ الْفُرُوجِ ، وَلَوْ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا فِيهِ لَحَمَلْنَاهُ عَلَى مُوجَبِ الْأُصُولِ .
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ أَنْكَرَ الشَّافِعِيُّ الِاسْتِحْسَانَ ، وَقَالَ بِهِ فِي مَسَائِلَ : الجزء السادس عشر < 166 > مِنْهَا : أَنَّهُ قَالَ فِي الْمُتْعَةِ " وَاسْتَحْسَنَ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا " وَقَالَ فِي الشُّفْعَةِ : " إِنَّهُ يُؤَجَّلُ ثَلَاثًا وَذَلِكَ اسْتِحْسَانٌ مِنِّي وَلَيْسَ بِأَصْلٍ " وَقَالَ فِي أَيْمَانِ الْحُكَّامِ : وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ الْحُكَّامِ يَحْلِفُ بِالْمُصْحَفِ ، وَذَلِكَ عِنْدِي حَسَنٌ " وَقَالَ فِي الْأَذَانِ : " حَسَنٌ أَنْ يَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ " .
قِيلَ : لَمْ يَقُلِ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْسَانِ ، وَإِنَّمَا قَالَهُ لِدَلِيلٍ اقْتَرَنَ بِهِ : أَمَّا اسْتِحْسَانُهُ الْمُتْعَةَ بِقَدْرِ ثَلَاثِينَ دِرْهَمًا فَلِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَهُ ، وَمَذْهَبُهُ فِي الْقَدِيمِ : أَنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا انْفَرَدَ بِقَوْلٍ لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ فَهُوَ حُجَّةٌ .
وَأَمَّا اسْتِحْسَانُهُ الشُّفْعَةَ أَنْ يُؤَجَّلَ ثَلَاثًا فَلِأَنَّ النَّاسَ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَأْجِيلِهِ فِي قَرِيبِ الزَّمَانِ فِي مَبِيتِهِ بَقِيَّةَ لَيْلَتِهِ وَإِمْهَالِهِ لِزَمَانِ أَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَلِبَاسِهِ فَجَعَلَ الْقَرِيبَ مُقَدَّرًا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ [ هُودٍ : ] . فَجَعَلَهَا حَدًّا لِلْقُرْبِ .
وَأَمَّا اسْتِحْسَانُهُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْلِفَ بِالْمُصْحَفِ فَلِأَنَّ الْأَيْمَانَ قَدْ تُغَلَّظُ فِي كَثِيرِ الْأَمْوَالِ فَجَازَ أَنْ تُغَلَّظَ بِالْمُصْحَفِ الْمُوجِبِ لِلْكَفَّارَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَضْلِ الْخَوْفِ وَالتَّحَرُّجِ .
وَأَمَّا اسْتِحْسَانُهُ أَنْ يَضَعَ إِصْبَعَيْهِ فِي صِمَاخَيْ أُذُنَيْهِ فَلِأَنَّ بِلَالًا كَانَ يَفْعَلُهُ بِمَشْهَدِ رَسُولِ اللَّهِ - {صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ} - وَلِأَنَّهُ أَمَدُّ لِصَوْتِهِ . فَلَمْ يَخْلُ مَا اسْتَحْسَنَهُ مِنْ دَلِيلٍ اقْتَرَنَ بِهِ .
وَالِاسْتِحْسَانُ بِالدَّلِيلِ مَعْمُولٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا نُنْكِرُ الْعَمَلَ بِالِاسْتِحْسَانِ إِذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ دَلِيلٌ

Komentar

Postingan Populer