GAMBAR DAN MENGGAMBAR

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، ٢٦٧٢/٤
آراء العلماء في التصوير :

قال النووي مبيناً آراء العلماء (4): تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر؛ لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواء صنعه بما يمتهن أو بغيره، فصنعته حرام بكل حال؛ لأن فيه مضاهاة لخلق الله تعالى، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها. 
وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان، فليس بحرام. هذا حكم التصوير نفسه.

وأما اتخاذ المصور فيه صورة حيوان، أي تعليقه ونصبه في المنازل وغيرها، فإن كان معلقاً على حائط أو ثوباً ملبوساً أو عمامة ونحو ذلك مما لا يعد ممتهناً، فهو حرام.

وإن كان في بساط يداس ومخدة ووسادة ونحوها مما يمتهن، فليس بحرام، ولافرق في هذا كله بين ما له ظل وما لا ظل له. وهذا رأي الشافعية وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو مذهب الثوري ومالك وأبي حنيفة وغيرهم.

ووجود الصور يمنع دخول ملائكة الرحمة ذلك البيت إذا كان فيه كلب أو صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلب والصور، دون غيره مما ليس بحرام من كلب الصيد والزرع والماشية والصورة التي تمتهن في البساط والوسادة وغيرهما، فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه، كما تقدم بيانه.

وقال بعض السلف: إنما ينهى عما كان له ظل، ولا بأس بالصورالتي ليس لها ظل، قال النووي: وهذا مذهب باطل، فإن الستر الذي أنكر النبي صلّى الله عليه وسلم الصورة فيه لا يشك أحد أنه مذموم، وليس لصورته ظل، مع باقي الأحاديث المطلقة في كل صورة. وقال الزهري: النهي في الصورة على العموم، وكذلك استعمال ما هي فيه، ودخول البيت الذي هي فيه، سواء كانت رقماً في ثوب أوغير رقم، وسواء كانت في حائط أو ثوب أو بساط ممتهن أو غير ممتهن، عملاً بظاهر الأحاديث، لا سيما حديث النمرقة الذي ذكره مسلم. قال النووي: وهذا مذهب قوي.

وقال آخرون: يجوز منها ما كان رقماً في ثوب، سواء امتهن أم لا، وسواء علق في حائط أم لا، وكرهوا ما كان له ظل، أو كان مصوراً في الحيطان وشبهها، سواء كان رقماً أو غيره. واحتجوا بحديث «إلا ما كان رقماً في ثوب» وهذا مذهب القاسم بن محمد.

وأجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره. قال القاضي عياض: إلا ما ورد في اللعب بالبنات لصغار البنات، والرخصة في ذلك.

ونقل ابن حجر في فتح الباري شرح البخاري عن ابن العربي رأيه في اتخاذ الصور قائلاً: حاصل ما في اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرم بالإجماع. وإن كانت رقماً فأربعة أقوال :

الأول ـ يجوز مطلقاً، عملاً بحديث: «إلا رقماً في ثوب».
الثاني ـ المنع مطلقاً.
الثالث ـ إن كانت الصورة باقية الهيئة، قائمة الشكل حرم، وإن كانت مقطوعة الرأس أو تفرقت الأجزاء، جاز، قال ابن حجر: وهو الأصح.
الرابع ـ إن كانت مما يمتهن جاز، وإلا لم يجز.

خلاصة الرأي في التصوير:
تحرم الصور ذات الظل وكل الصور المجسَّدة والتماثيل لكل ذي روح من إنسان أو حيوان، لإجماع العلماء على ذلك، ويحرم صنع التماثيل ونصبها في أي مكان، لما أخرجه الشيخان أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «إن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تماثيل»، وتباح صور النباتات والمناظر الطبيعية الكونية من السماء والأرض والحدائق والجبال والبحار والأنهار، والأشياء الجامدة من طائرات وسيارات وغير ذلك من الكائنات المخلوقة وليست بذات روح؛ لأنها ليست مما تناولها النص النبوي بإشارة «يشبِّهون بخلق الله» وبإشارة «يقال لهم: أحيوا ما خلقتم».

أما الصور المجسَّمة على المخاد والوسائد والستائر والبسط والفرش والبطائن فلا مانع منها، لأنها ممتهنة. وتباح عند بعض العلماء اللوحات الزيتية ونقوش الحيطان، والرسوم على الورق، والصور المطبوعة أو المنسوجة في الملابس والستور، والمطرزات والموشّاة والمشغولة بأنواع الخيوط ونحو ذلك مما لا ظل له.

وتباح صور لعب الأطفال المختلفة من أنواع الشموع والمعادن كالعرائس ونحوها، ويجوز بيعها، لما أخرجه البخاري وأبو داود عن عائشة قالت: «كنت ألعب بالبنات (1)، فربما دخل علي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعندي الجواري (2)، فإذا دخل خرجن، وإذا خرج دخلن» وأخرج أبو داود والنسائي حديثاً آخر مشابهاً لهذا الحديث، أقر فيه الرسول صلّى الله عليه وسلم ما وجده عند عائشة من بنات لُعَب، بعد عودته من غزوة تبوك أو خيبر، قال ابن حزم: وجائز للصبايا خاصة اللعب بالصور ولا يحل لغيرهن، والصور محرمة إلا هذا، وإلا ما كان رقماً في ثوب.

وتباح الصور إذا كانت بحالة لا تعيش بها كمقطوعة الرأس أو الصور النصفية، والأولى عدم إقامتها أو نصبها في أي مكان في المنزل وغيره.

قال الكاساني من الحنفية (3):وتكره (أي كراهة تحريم) التصاوير في البيوت، لما روي عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عن سيدنا جبريل عليه الصلاة والسلام أنه قال: «لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب أو صورة» ولأن إمساكها تشبّه بعبدة الأوثان إلا إذا كانت على البسط أوالوسائد الصغار التي تلقى على الأرض ليجلس عليها، فلا تكره؛ لأن دوسها بالأرجل إهانة لها، فإمساكها في موضع الإهانة لا يكون تشبهاً بعبدة الأصنام إلا أن يسجد عليها، فيكره لحصول معنى التشبه.

ويكره التصوير على الستور وعلى الأزر المضروبة على الحائط وعلى الوسائد الكبار وعلى السقف؛ لما فيه من تعظيمها، فإذا لم يكن لها رأس، فلا بأس؛ لأنها لا تكون صورة، بل نقشاً، فإن قطع الرأس بأن خاط على عنقه خيطاً، فذاك ليس بشيء؛ لأنها لم تخرج عن كونها صورة، بل ازدادت حلية كالطوق لذوات الأطواق من الطيور. ثم المكروه أي تحريماً: صورة ذي الروح، فأما صورة مالا روح له من الأشجار والقناديل ونحوها، فلا بأس به.

أما التصوير الشمسي أو الخيالي فهذا جائز، ولا مانع من تعليق الصور الخيالية في المنازل وغيرها، إذا لم تكن داعية للفتنة كصور النساء التي يظهر فيها شيء من جسدها غير الوجه والكفين، كالسواعد والسيقان والشعور، وهذا ينطبق أيضاً على صور التلفاز وما يعرض فيه من رقص وتمثيل وغناء مغنيات، كل ذلك حرام في رأيي.

وأما أعمال النحت والرسم للنساء العاريات التي يقوم بها طلاب كليات الفنون الجميلة فهي من أشد المحرمات والكبائر، ولا يصح قياس الرسم على تشريح الجثث في كليات الطب، لأن التشريح ضرورة علمية تحقق فائدة الحفاظ على حياة الإنسان، بعكس الرسم الذي هو مجرد عمل ترفيهي كمالي، كما أن التشريح يحدث بعد الموت، والرسم يتم في حال الحياة.

والسبب في إباحة الصور الخيالية: أن تصويرها لا يسمى تصويراً لغة ولا شرعاً، لما تقدم من بيان معنى التصوير في عهد النبوة، ولأن هذا التصوير يعد حبساً للظل أو الصورة، مثل الصورة في المرآة والصورة في الماء، كل مافي الأمر أن صورة المرآة أو الماء متحركة غير ثابتة، والصور الخيالية تثبَّت بالأحماض الكيمياوية ونحوها، وهذا لا يسمى تصويراً في الحقيقة، فإن الحمض هو المانع من الانتقال والتحرك (1).

[وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي، ٢٦٧٧/٤]

Komentar

Postingan Populer