CIUM TANGAN DAN KAKI
تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي، ٢٢٩/٩
وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِكَرَاهَةِ الِانْحِنَاءِ بِالرَّأْسِ وَتَقْبِيلِ نَحْوِ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ لَا سِيَّمَا لِنَحْوِ غَنِيٍّ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ.» وَيُنْدَبُ ذَلِكَ لِنَحْوِ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ شَرَفٍ؛ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَبَّلَ يَدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَيُسَنُّ الْقِيَامُ لِمَنْ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ نَحْوِ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ أَوْ يُخْشَى مِنْ شَرِّهِ وَلَوْ كَافِرًا خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا عَظِيمًا أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، فِيمَا يَظْهَرُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لَا الرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الدَّاخِلِ أَنْ يُحِبَّ قِيَامَهُمْ لَهُ؛ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ النَّاسُ لَهُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.» ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا أَحَبَّ قِيَامَهُمْ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ طَلَبًا لِلتَّكَبُّرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا أَخَفُّ تَحْرِيمًا مِنْ الْأَوَّلِ إذْ هُوَ التَّمْثِيلُ فِي الْخَبَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ جُودًا مِنْهُمْ عَلَيْهِ لِمَا أَنَّهُ صَارَ شِعَارًا لِلْمَوَدَّةِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ. وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ طِفْلٍ رَحْمَةً وَمَوَدَّةً؛ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَقَدْ قَبَّلَ الْحَسَنَ» «وَقَالَ لِمَنْ قَالَ لِي عَشْرَةٌ مِنْ الْأَوْلَادِ مَا قَبَّلْتهمْ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» وَمَحْرَمٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ خَدَّ عَائِشَةَ لِحُمَّى أَصَابَتْهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَيُسَنُّ تَقْبِيلُ قَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ وَمُعَانَقَتُهُ لِلِاتِّبَاعِ الصَّحِيحِ فِي جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لَمَّا قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ، وَيَحْرُمُ نَحْوُ تَقْبِيلِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ غَيْرِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ وَمَسِّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ
_________
(قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ ذَلِكَ) دَخَلَ فِيهِ تَقْبِيلُ الرَّجُلِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ سم (قَوْلُهُ لِنَحْوِ صَلَاحٍ) أَيْ: مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ كَكِبَرِ سِنٍّ وَزُهْدٍ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش مِنْ النَّحْوِ الْمُعَلِّمِ الْمُسْلِمِ اهـ.
وَقَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٍ أَيْ: وِلَايَةِ حُكْمٍ كَالْقَاضِي رَشِيدِيٌّ وع ش (قَوْلُهُ مَصْحُوبَةٍ إلَخْ) صِفَةُ وِلَايَةٍ (قَوْلُهُ بِصِيَانَةٍ) أَيْ: عَنْ خِلَافِ الشَّرْعِ وَيَظْهَرُ أَنَّ صِيَانَةَ كُلِّ زَمَنٍ بِحَسْبِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَظْهَرُ وُجُوبُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ دَفْعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالتَّقَاطُعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْمَفَاسِدِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْخَيْرُ الْأُخْرَوِيُّ كَالْمُعَلِّمِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ الْحَدِيثَ الْمَارَّ سَيِّدُ عُمَرَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْخَيْرِ الْأُخْرَوِيِّ نَحْوُ الْإِنْفَاقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُحْتَاجِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) أَيْ: هَذَا الْقِيَامُ اهـ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ إلَخْ) أَيْ: وُجُوبًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالْإِعْظَامِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ) أَيْ: قَوْلَهُ وَيَحْرُمُ وَكَذَا ضَمِيرُ حَمْلِهِ (قَوْلُهُ وَحَمْلِهِ) إلَى قَوْلِهِ: أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ عِبَارَةُ الْأَسْنَى، وَالْمُرَادُ بِتَمَثُّلِهِمْ لَهُ قِيَامًا أَنْ يَقْعُدَ وَيَسْتَمِرُّوا قِيَامًا كَعَادَةِ الْجَبَابِرَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، وَمِثْلُهُ حُبُّ الْقِيَامِ لَهُ تَفَاخُرًا وَتَطَاوُلًا عَلَى الْأَقْرَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَاسْتِمْرَارَهُ) أَيْ: قِيَامِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَبًا) لَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبًا إلَخْ قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ: قَوْلُهُ: وَاسْتِمْرَارَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ: الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ أَيْ: وَالْمُغْنِي وَتَقْبِيلُ خَدِّ طِفْلٍ لَا يُشْتَهَى وَلَوْ لِغَيْرِهِ، وَأَطْرَافُ شَفَتِهِ مُسْتَحَبٌّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَجْهُ طِفْلٍ) بَلْ أَيُّ مَحَلٍّ فِيهِ وَلَوْ فِي الْفَمِ وَقَوْلُهُ طِفْلٌ أَيْ: لَا يُشْتَهَى ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمُحْرِمٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى طِفْلٍ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَقْبِيلٌ إلَخْ) وَتُنْدَبُ الْمُصَافَحَةُ مَعَ بَشَاشَةِ الْوَجْهِ وَالدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ وَغَيْرِهَا لِلتَّلَاقِي، وَلَا أَصْلَ لِلْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهَا فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُصَافَحَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا وَإِنْ قَصَدَ بَابًا لِغَيْرِهِ مُغْلَقًا يُنْدَبُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ لَمْ يُجَبْ أَعَادَهُ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَإِنْ أُجِيبَ فَذَاكَ وَإِلَّا رَجَعَ، فَإِنْ قِيلَ لَهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ: مَنْ أَنْتَ نُدِبَ أَنْ يَقُولَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْرِيفُ التَّامُّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَنِّيَ نَفْسَهُ أَوْ يَقُولَ: الْقَاضِي فُلَانٌ أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوَهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطِبُ إلَّا بِهِ، وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَا أَوْ الْخَادِمُ، وَتُنْدَبُ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالْجِيرَانِ غَيْرِ الْأَشْرَارِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامُهُمْ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ فَتَخْتَلِفُ زِيَارَتُهُمْ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ، وَيُسَنُّ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْهُمْ أَنْ يَزُورُوهُ وَأَنْ يُكْثِرُوا زِيَارَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ، وَتُنْدَبُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: تَقْبِيلُ قَادِمٍ) أَيْ: وَجْهَهُ صَالِحًا أَمْ لَا اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ: مِنْ سَفَرٍ) أَيْ: أَوْ نَحْوِهِ اهـ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَمُعَانَقَتُهُ) وَيُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْ: التَّقْبِيلُ وَالْمُعَانَقَةُ لِغَيْرِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَبِّلُ وَالْمُقَبَّلُ صَالِحَيْنِ أَمْ فَاسِقَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا صَالِحًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْأَذْكَارِ اهـ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: غَيْرِ نَحْوِ الْمُحْرَمِ) كَالْمَلِكِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش
حاشية الجمل على شرح المنهج 4/ 126 ط دار الفكر
وَفِي مَتْنِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ ( فَرْعٌ ) يُسْتَحَبُّ تَصَافُحُ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ لِخَبَرِ { مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ نَعَمْ يُسْتَثْنَى الأَمْرَدُ الْجَمِيلُ الْوَجْهِ فَتَحْرُمُ مُصَافَحَتُهُ وَمَنْ بِهِ عَاهَةٌ كَالأَبْرَصِ وَالأَجْذَمِ فَتُكْرَهُ مُصَافَحَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَتُكْرَهُ الْمُعَانَقَةُ وَالتَّقْبِيلُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُقَبِّلُ أَوْ الْمُقَبَّلُ صَالِحًا { قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ قَالَ لا أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لا قَالَ أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ يُصَافِحُهُ قَالَ نَعَمْ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ وَهُمَا لِقَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ تَبَاعُدِ لِقَاءٍ سُنَّةٌ لِلاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ نَعَمْ الأَمْرَدُ الْجَمِيلُ الْوَجْهِ يَحْرُمُ تَقْبِيلُهُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُعَانَقَتَهُ كَتَقْبِيلِهِ أَوْ قَرِيبَةٍ مِنْهُ وَكَذَا تَقْبِيلُ الطِّفْلِ وَلَوْ وَلَدَ غَيْرِهِ شَفَقَةً سُنَّةٌ ; { لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَشَمَّهُ وَقَبَّلَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ الأَقْرَعُ إنَّ لِي عَشْرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْت مِنْهُمْ أَحَدًا فَنَظَرَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ } وَقَالَتْ عَائِشَةُ { قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ الأَعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا تُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ فَقَالَ نَعَمْ قَالُوا لَكِنَّا وَاَللَّهِ مَا نُقَبِّلُ فَقَالَ أَوَ أَمْلِكُ إنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى نَزَعَ مِنْكُمْ الرَّحْمَةَ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ا هـ
حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي 3/ 213 ط عيسى الحلبي
فُرُوعٌ : يَجُوزُ نَوْمُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ حَيْثُ وُجِدَ حَائِلٌ يَمْنَعُ الْمُمَاسَّةَ لَلأَبَدَانِ , وَيَحْرُمُ ذَلِكَ مَعَ الْعُرْيِ , وَإِنْ تَبَاعَدَا أَوْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَكَانَ مَحْرَمِيَّةً كَأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدٍّ صِغَرٌ لَكِنْ مَعَ بُلُوغِ عَشْرِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ , وَيُكْرَهُ نَظَرُ فَرْجِ نَفْسِهِ عَبَثًا , وَتَحْرُمُ مُصَافَحَةٌ وَتَقْبِيلٌ وَمُعَانَقَةٌ فِي نَحْوَ أَمْرَدَ , وَيُكْرَهُ ذَلِكَ فِي ذِي عَاهَةٍ كَبَرَصٍ وَجُذَامٍ , وَيُسَنُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ خُصُوصًا لِنَحْوِ قُدُومِ سَفَرٍ , وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ طِفْلٍ وَلَوْ لِغَيْرِ شَفَقَةٍ وَوَجْهِ مَيِّتٍ لِنَحْوِ صَلاحٍ وَيَدِ نَحْوِ عَالَمٍ وَصَالِحٍ وَصَدِيقٍ وَشَرِيفٍ لأَجْلِ غِنًى , وَنَحْوِهِ وَالْقِيَامُ لَهُمْ كَذَلِكَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الأَزْمِنَةِ ; لأَنَّ تَرْكَهُ صَارَ قَطِيعَةً
---( رد المحتار على الدر المختار 5/ 244 ط إحياء التراث )---
( الدر المختار )
( وَكُرِهَ ) تَحْرِيمًا قُهُسْتَانِيٌّ ( تَقْبِيلُ الرَّجُلِ ) فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ وَكَذَا تَقْبِيلُ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ عِنْدَ لِقَاءٍ أَوْ وَدَاعٍ قُنْيَةٌ وَهَذَا لَوْ عَنْ شَهْوَةٍ , وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ فَجَائِزٌ عِنْدَ الْكُلِّ خَانِيَّةٌ , وَفِي الاخْتِيَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ لا بَأْسَ بِهِ إذَا قَصَدَ الْبِرَّ وَأَمِنَ الشَّهْوَةَ كَتَقْبِيلِ وَجْهِ فَقِيهٍ وَنَحْوِهِ ( وَ ) كَذَا ( مُعَانَقَتُهُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لا بَأْسَ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ ( وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوْ جُبَّةٌ جَازَ ) بِلا كَرَاهَةٍ بِالإِجْمَاعِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَفِي الْحَقَائِقِ لَوْ الْقُبْلَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَبَرَّةِ دُونَ الشَّهْوَةِ جَازَ بِالإِجْمَاعِ ( كَالْمُصَافَحَةِ ) أَيْ كَمَا تَجُوزُ الْمُصَافَحَةُ لأَنَّهَا سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام " { مَنْ صَافَحَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَحَرَّكَ يَدَهُ تَنَاثَرَتْ ذُنُوبُهُ } " وَإِطْلاقُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَالْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالْمَجْمَعِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ يُفِيدُ جَوَازَهَا مُطْلَقًا وَلَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ بِدْعَةٌ أَيْ مُبَاحَةٌ حَسَنَةٌ كَمَا أَفَادَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ مِنْ أَنَّهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لَيْسَ بِشَيْءٍ تَوْفِيقًا فَتَأَمَّلْهُ . وَفِي الْقُنْيَةِ : السُّنَّةُ فِي الْمُصَافَحَةِ بِكِلْتَا يَدَيْهِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْمُلْتَقَى .
--------------
( حاشية ابن عابدين )
( قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ فَجَائِزٌ عِنْدَ الْكُلِّ ) قَالَ الإِمَامُ الْعَيْنِيُّ بَعْدَ كَلامٍ فَعُلِمَ إبَاحَةُ تَقْبِيلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالرَّأْسِ وَالْكَشْحِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ إبَاحَتُهَا عَلَى الْجَبْهَةِ , وَبَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَعَلَى الشَّفَتَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْمَبَرَّةِ وَالإِكْرَامِ ا هـ وَيَأْتِي قَرِيبًا تَمَامُ الْكَلامِ عَلَى التَّقْبِيلِ وَالْقِيَامِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا مُعَانَقَتُهُ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ يُعَانِقَهُ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ , وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لا بَأْسَ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ لِمَا رُوِيَ " { أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام عَانَقَ جَعْفَرًا حِينَ قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ وَقَبَّلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ } " وَلَهُمَا مَا رُوِيَ " { أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ الْمُكَامَعَةِ } ؟ " وَهِيَ الْمُعَانَقَةُ " { وَعَنْ الْمُكَاعَمَةِ } " وَهِيَ التَّقْبِيلُ , وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ , قَالُوا الْخِلافُ فِي الْمُعَانَقَةِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوَجُبَّةٌ لا بَأْسَ بِهِ بِالإِجْمَاعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ا هـ . وَفِي الْعِنَايَةِ : وَوَفَّقَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ بَيْنَ الأَحَادِيثِ فَقَالَ : الْمَكْرُوهُ مِنْ الْمُعَانَقَةِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهْوَةِ , وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ : فِي إزَارٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ سَبَبٌ يُفْضِي إلَيْهَا فَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَالْكَرَامَةِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَاحِدٌ فَلا بَأْسَ بِهِ ا هـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ لَوْ عَنْ شَهْوَةٍ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ أَيْ سَاتِرٍ لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مَعَ كَشْفِ الْبَاقِي , وَأَنَّ مَا قَبْلَهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْهَدِيَّةِ فَافْهَمْ ( قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ( قَوْلُهُ وَفِي الْحَقَائِقِ إلَخْ ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْخَانِيَّةِ ط ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام إلَخْ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي شَرْحِهَا لِلْعَيْنِيِّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " { إنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ } " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ . ( قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ ) حَيْثُ قَالَ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَافَحَةَ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ كُلِّ لِقَاءٍ , وَأَمَّا مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ , فَلا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ لا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّ أَصْلَ الْمُصَافَحَةِ سُنَّةٌ وَكَوْنُهُمْ حَافَظُوا عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ , وَفَرَّطُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الأَحْوَالِ أَوْ أَكْثَرِهَا لا يُخْرِجُ ذَلِكَ الْبَعْضَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ الْمُصَافَحَةِ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِأَصْلِهَا ا هـ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْبِكْرِيُّ : وَتَقْيِيدُهُ بِمَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ عَلَى عَادَةٍ كَانَتْ فِي زَمَنِهِ , وَإِلا فَعَقِبَ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا كَذَلِكَ كَذَا فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلالِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ , وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ الشَّمْسِ الْحَانُوتِيِّ , وَأَنَّهُ أَفْتَى بِهِ مُسْتَدِلا بِعُمُومِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ إطْلاقِ الْمُتُونِ , لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهَا بَعْدَ الصَّلَوَاتِ خَاصَّةً قَدْ يُؤَدِّي الْجَهَلَةِ إلَى اعْتِقَادِ سُنِّيَّتِهَا فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَأَنَّ لَهَا خُصُوصِيَّةً زَائِدَةً عَلَى غَيْرِهَا مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلامِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ , وَكَذَا قَالُوا بِسُنِّيَّةِ قِرَاءَةِ السُّوَرِ الثَّلاثَةِ فِي الْوَتْرِ مَعَ التَّرْكِ أَحْيَانَا لِئَلا يُعْتَقَدَ وُجُوبُهَا وَنَقَلَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّهُ تُكْرَهُ الْمُصَافَحَةُ بَعْدَ أَدَاءِ الصَّلاةِ بِكُلِّ حَالٍ , لأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله تعالى عنهم مَا صَافَحُوا بَعْدَ أَدَاءِ الصَّلاةِ , وَلأَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الرَّوَافِضِ ا هـ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ لا أَصْلَ لَهَا فِي الشَّرْعِ , وَأَنَّهُ يُنَبَّهُ فَاعِلُهَا أَوَّلا وَيُعَزَّرُ ثَانِيًا ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَدْخَلِ إنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ , وَمَوْضِعُ الْمُصَافَحَةِ فِي الشَّرْعِ , إنَّمَا هُوَ عِنْدَ لِقَاءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ لا فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ فَحَيْثُ وَضَعَهَا الشَّرْعُ يَضَعُهَا فَيُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَيُزْجَرُ فَاعِلُهُ لِمَا أَتَى بِهِ مِنْ خِلافِ السُّنَّةِ ا هـ . ثُمَّ أَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ ( قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرِهِ ) الضَّمِيرُ الأَوَّلُ لِلنَّوَوِيِّ وَالثَّانِي لِكِتَابِ الأَذْكَارِ ( قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَلَكٍ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَافْهَمْ . أَقُولُ : وَهَذَا الْحَمْلُ بَعِيدًا جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلافِ رَأْيِ الإِمَامِ النَّوَوِيِّ فِي كِتَابَيْهِ , وَأَنَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نَظَرَ إلَى مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَحْظُورِ , وَإِلَى أَنَّ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ غَيْرُ مَأْثُورٍ وَلا سِيَّمَا بَعْدَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُلْتَقَطِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الرَّوَافِضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ إلَخْ ) وَنَصُّهُ : وَهِيَ إلْصَاقُ صَفْحَةِ الْكَفِّ بِالْكَفِّ وَإِقْبَالُ الْوَجْهِ بِالْوَجْهِ فَأَخْذُ الأَصَابِعِ لَيْسَ بِمُصَافَحَةٍ خِلافًا لِلرَّوَافِضِ , وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ بِكِلْتَا يَدَيْهِ , وَبِغَيْرِ حَائِلٍ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعِنْدَ اللِّقَاءِ بَعْدَ السَّلامِ وَأَنْ يَأْخُذَ الإِبْهَامَ , فَإِنَّ فِيهِ عِرْقًا يُنْبِتُ الْمَحَبَّةَ كَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ ا هـ
---( رد المحتار على الدر المختار 246 ط إحياء التراث )---
( الدر المختار )
( طَلَبَ مِنْ عَالِمٍ أَوْ زَاهِدٍ أَنْ ) يَدْفَعَ إلَيْهِ قَدَمَهُ وَ ( يُمَكِّنَهُ مِنْ قَدَمِهِ لِيُقَبِّلَهُ أَجَابَهُ وَقِيلَ لا ) يُرَخَّصُ فِيهِ كَمَا يُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمَرْأَةِ فَمَ أُخْرَى أَوْ خَدَّهَا عِنْدَ اللِّقَاءِ أَوْ الْوَدَاعِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مُقَدِّمًا لِلْقِيلِ قَالَ ( وَ ) كَذَا مَا يَفْعَلُهُ الْجُهَّالُ مِنْ ( تَقْبِيلِ يَدِ نَفْسِهِ إذَا لَقِيَ غَيْرَهُ ) فَهُوَ ( مَكْرُوهٌ ) فَلا رُخْصَةَ فِيهِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ يَدِ صَاحِبِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ فَمَكْرُوهٌ بِالإِجْمَاعِ ( وَكَذَا ) مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ( تَقْبِيلِ الأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْ الْعُلَمَاءِ ) وَالْعُظَمَاءِ فَحَرَامٌ وَالْفَاعِلُ وَالرَّاضِي بِهِ آثِمَانِ لأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الْوَثَنِ وَهَلْ يَكْفُرَانِ : عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ وَالتَّعْظِيمِ كُفْرٌ وَإِنْ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ لا وَ صَارَ آثِمًا مُرْتَكِبًا لِلْكَبِيرَةِ , وَفِي الْمُلْتَقَطِ التَّوَاضُعُ لِغَيْرِ اللَّهِ حَرَامٌ . وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ : يَجُوزُ بَلْ يَنْدُبُ الْقِيَامُ تَعْظِيمًا لِلْقَادِمِ كَمَا يَجُوزُ الْقِيَامُ , وَلَوْ لِلْقَارِئِ بَيْنَ يَدَيْ الْعَالِمِ وَسَيَجِيءُ نَظْمًا . [ فَائِدَةٌ ] قِيلَ التَّقْبِيلُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ : قُبْلَةُ الْمَوَدَّةِ لِلْوَلَدِ عَلَى الْخَدِّ , وَقُبْلَةُ الرَّحْمَةِ لِوَالِدَيْهِ عَلَى الرَّأْسِ , وَقُبْلَةُ الشَّفَقَةِ لأَخِيهِ عَلَى الْجَبْهَةِ وَقُبْلَةُ الشَّهْوَةِ لامْرَأَتِهِ وَأَمَتِهِ عَلَى الْفَمِ وَقُبْلَةُ التَّحِيَّةِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْيَدِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ , قُبْلَةُ الدِّيَانَةِ لِلْحَجَرِ الأَسْوَدِ جَوْهَرَةٌ . قُلْت : وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ تَقْبِيلُ عَتَبَةَ الْكَعْبَةِ , وَفِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَابِرِ تَقْبِيلُ الْمُصْحَفِ قِيلَ بِدْعَةٌ لَكِنْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْمُصْحَفَ كُلَّ غَدَاةٍ وَيُقَبِّلُهُ وَيَقُولُ : عَهْدُ رَبِّي وَمَنْشُورُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه يُقَبِّلُ الْمُصْحَفَ وَيَمْسَحُهُ عَلَى وَجْهِهِ , وَأَمَّا تَقْبِيلُ الْخُبْزِ فَحَرَّرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ مُبَاحَةٌ وَقِيلَ حَسَنَةٌ وَقَالُوا يُكْرَهُ دَوْسُهُ لا بَوْسُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لابْنِ حَجَرٍ فِي بَحْثِ الْوَلِيمَةِ وَقَوَاعِدُنَا لا تَأْبَاهُ وَجَاءَ { لا تَقْطَعُوا الْخُبْزَ بِالسِّكِّينِ وَأَكْرِمُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ } .
--------------
( حاشية ابن عابدين )
( قَوْلُهُ يَدْفَعَ إلَيْهِ قَدَمَهُ ) يُغْنِي عَنْهُ مَا فِي الْمَتْنِ ( قَوْلُهُ أَجَابَهُ ) لِمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ : { أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرِنِي شَيْئًا أَزْدَادُ بِهِ يَقِينًا فَقَالَ اذْهَبْ إلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَادْعُهَا فَذَهَبَ إلَيْهَا فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوك فَجَاءَتْ حَتَّى سَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهَا : ارْجِعِي فَرَجَعَتْ قَالَ : ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا } " : وَقَالَ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ا هـ مِنْ رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلالِيُّ ( قَوْلُهُ كَمَا يُكْرَهُ إلَخْ ) الأَوْلَى حَذْفُهُ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ سَابِقًا عَنْ الْقُنْيَةِ ط وَهَذَا لَوْ عَنْ شَهْوَةٍ كَمَا مَرَّ ( قَوْلُهُ مُقَدِّمًا لِلْقِيلِ ) أَيْ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ رَمَزَ لَهُ إلَى كِتَابٍ ثُمَّ رَمَزَ بَعْدَهُ لِلأَوَّلِ ( قَوْلُهُ قَالَ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِصَاحِبِ الْقُنْيَةِ وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا نَعَمْ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي الْمُجْتَبَى ( قَوْلُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ ) أَيْ تَحْرِيمًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَلا رُخْصَةَ فِيهِ ط ( قَوْلُهُ فَمَكْرُوهٌ بِالإِجْمَاعِ ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ عَالِمًا وَلا عَادِلا , وَلا قَصَدَ تَعْظِيمَ إسْلامِهِ وَلا إكْرَامَهُ , وَسَيَأْتِي أَنَّ قُبْلَةَ يَدِ الْمُؤْمِنِ تَحِيَّةً تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلامِهِمْ , وَلا يُقَالُ حَالَةَ اللِّقَاءِ مُسْتَثْنَاةٌ لأَنَّا نَقُولُ حَيْثُ نَدَبَ فِيهَا الشَّارِعُ صلى الله تعالى عليه وسلم إلَى الْمُصَافَحَةِ عُلِمَ أَنَّهَا تَزِيدُ عَنْ غَيْرِهَا فِي التَّعْظِيمِ , فَكَيْفَ لا تُسَاوِيهَا سَائِحَانِيٌّ . ( قَوْلُهُ إنْ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ أَوْ التَّعْظِيمِ كَفَرَ إلَخْ ) تَلْفِيقٌ لِقَوْلَيْنِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ : وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ لا يَكْفُرُ بِهَذَا السُّجُودِ , لأَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ التَّحِيَّةَ وَقَالَ شَمْسُ الأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ : إنْ كَانَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ كَفَرَ ا هـ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ : وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ يَكْفُرُ بِالسَّجْدَةِ مُطْلَقًا وَفِي الزَّاهِدِيِّ الإِيمَاءُ فِي السَّلامِ إلَى قَرِيبِ الرُّكُوعِ كَالسُّجُودِ وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الانْحِنَاءُ لِلسُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ ا هـ وَظَاهِرُ كَلامِهِمْ إطْلاقُ السُّجُودِ عَلَى هَذَا التَّقْبِيلِ . [ تَتِمَّةٌ ] اخْتَلَفُوا فِي سُجُودِ الْمَلائِكَةِ قِيلَ : كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالتَّوَجُّهُ إلَى آدَمَ لِلتَّشْرِيفِ , كَاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ , وَقِيلَ : بَلْ لآدَمَ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ وَالإِكْرَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام " { لَوْ أَمَرْت أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْت الْمِرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا } " تَتَارْخَانِيَّةٌ قَالَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ , وَالصَّحِيحُ الثَّانِي وَلَمْ يَكُنْ عِبَادَةً لَهُ بَلْ تَحِيَّةً وَإِكْرَامًا , وَلِذَا امْتَنَعَ عَنْهُ إبْلِيسُ وَكَانَ جَائِزًا فِيمَا مَضَى كَمَا فِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ : وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ ( قَوْلُهُ التَّوَاضُعُ لِغَيْرِ اللَّهِ حَرَامٌ ) أَيْ إذْلالُ النَّفْسِ لِنَيْلِ الدُّنْيَا , وَإِلا فَخَفْضُ الْجَنَاحِ لِمَنْ دُونَهُ مَأْمُورٌ بِهِ سَيِّدُ الأَنَامِ عليه الصلاة والسلام يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه " مَنْ خَضَعَ لِغَنِيٍّ وَوَضَعَ لَهُ نَفْسَهُ إعْظَامًا لَهُ وَطَمَعًا فِيمَا قِبَلَهُ ذَهَبَ ثُلُثَا مُرُوءَتِهِ وَشَطْرُ دِينِهِ " . ( قَوْلُهُ يَجُوزُ بَلْ يُنْدَبُ الْقِيَامُ تَعْظِيمًا لِلْقَادِمِ إلَخْ ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ : قِيَامُ الْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ تَعْظِيمًا , وَقِيَامُ قَارِئِ الْقُرْآنِ لِمَنْ يَجِيءُ تَعْظِيمًا لا يُكْرَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ , وَفِي مُشْكِلِ الآثَارِ الْقِيَامُ لِغَيْرِهِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ لِعَيْنِهِ إنَّمَا الْمَكْرُوهُ مَحَبَّةُ الْقِيَامِ لِمَنْ يُقَامُ لَهُ , فَإِنْ قَامَ لِمَنْ لا يُقَامُ لَهُ لا يُكْرَهُ . قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ أَقُولُ : وَفِي عَصْرِنَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَيْ الْقِيَامُ لِمَا يُورِثُ تَرْكُهُ مِنْ الْحِقْدِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْعَدَاوَةِ لا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي مَكَان اُعْتِيدَ فِيهِ الْقِيَامُ , وَمَا وَرَدَ مِنْ التَّوَعُّدِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ مَنْ يُحِبُّ الْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا يَفْعَلُهُ التُّرْكُ وَالأَعَاجِمُ ا هـ . قُلْت : يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الشَّيْخِ الْحَكِيمِ أَبِي الْقَاسِمِ كَانَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ غَنِيٌّ يَقُومُ لَهُ وَيُعَظِّمُهُ , وَلا يَقُومُ لِلْفُقَرَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ الْغَنِيُّ يَتَوَقَّعُ مِنِّي التَّعْظِيمَ , فَلَوْ تَرَكْته لَتَضَرَّرَ وَالْفُقَرَاءُ وَالطَّلَبَةُ إنَّمَا يَطْمَعُونَ فِي جَوَابِ السَّلامِ وَالْكَلامِ مَعَهُمْ فِي الْعِلْمِ , وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلالِيُّ ( قَوْلُهُ تَقْبِيلُ عَتَبَةِ الْكَعْبَةِ ) هِيَ مِنْ قِلَّةِ الدِّيَانَةِ ط وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى : وَاخْتُلِفَ فِي تَقْبِيلِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَقِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ بِدْعَةٌ ( قَوْلُهُ وَمَنْشُورُ رَبِّي ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الْمَنْشُورُ : الرَّجُلُ الْمُنْتَشِرُ الأَمْرِ وَمَا كَانَ غَيْرَ مَخْتُومٍ مِنْ كُتُبِ السُّلْطَانِ وَالْمُرَادُ كِتَابُ رَبِّي فَفِيهِ تَجْرِيدٌ عَنْ بَعْضِ الْمَعْنَى ط ( قَوْلُهُ وَقَوَاعِدُنَا لا تَأْبَاهُ ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى : وَحِينَئِذٍ فَيُزَادُ عَلَى السِّتَّةِ سِتَّةٌ أَيْضًا بِدْعَةٌ مُبَاحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ , وَسُنَّةٌ لِعَالِمٍ وَعَادِلٍ مَكْرُوهٌ لِغَيْرِهِمَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَحَرَامٌ لِلأَرْضِ تَحِيَّةٌ وَكُفْرٌ لَهَا تَعْظِيمًا كَمَا مَرَّ ا هـ تَأَمَّلْ . ( قَوْلُهُ وَجَاءَ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْجِرَاحِيُّ فِي الأَحَادِيثِ الْمُشْتَهِرَةِ " { لا تَقْطَعُوا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ بِالسِّكِّينِ كَمَا تَقْطَعُ الأَعَاجِمُ وَلَكِنْ انْهَشُوهُ نَهْشًا } " قَالَ الصَّغَانِيُّ مَوْضُوعٌ ا هـ وَفِي الْمُجْتَبَى لا يُكْرَهُ قَطْعُ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ ا هـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
----( الآداب الشرعية 2 / 270 ط مكتبة الرياض الحديثة )----
وَتُبَاحُ الْمُعَانَقَةُ وَتَقْبِيلُ الْيَدِ وَالرَّأْسِ تَدَيُّنًا وَإِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا مَعَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ , وَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ إبَاحَتِهِ لأَمْرِ الدُّنْيَا , وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ , وَالْكَرَاهَةُ أَوْلَى . وَكَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَقْبِيلُ رِجْلِهِ . وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قُبْلَةِ الْيَدِ فَقَالَ : إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ التَّدَيُّنِ فَلا بَأْسَ قَدْ قَبَّلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الدُّنْيَا فَلا , إلا رَجُلا يُخَافُ سَيْفُهُ أَوْ سَوْطُهُ . وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ أَيْضًا : وَكَرِهَهَا عَلَى طَرِيقِ الدُّنْيَا , وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ التَّابِعِيُّ الْقُبْلَةُ سُنَّةٌ . وَقَالَ مُهَنَّا بْنُ يَحْيَى رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَثِيرًا يُقَبِّلُ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَخَدَّهُ وَلا يَقُولُ شَيْئًا , وَرَأَيْته لا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَلا يَكْرَه , وَرَأَيْت سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد الْهَاشِمِيَّ يُقَبِّلُ جَبْهَتَهُ وَرَأْسَهُ وَلا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَلا يَكْرَهُهُ وَرَأَيْت يَعْقُوبَ بْنَ إبْرَاهِيمَ يُقَبِّلُ وَجْهَهُ وَجَبْهَتَهُ . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ رَأَيْت كَثِيرًا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَبَنِي هَاشِمٍ وَقُرَيْشٍ وَالأَنْصَارَ يُقَبِّلُونَهُ يَعْنِي أَبَاهُ بَعْضُهُمْ يَدَيْهِ وَبَعْضُهُمْ رَأْسَهُ , وَيُعَظِّمُونَهُ تَعْظِيمًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ غَيْرَهُ , لَمْ أَرَهُ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ . وَقَالَ الْخَلالُ أَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ قُلْت لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوَّلَ مَا رَأَيْته يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ائْذَنْ لِي أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَك قَالَ : لَمْ أَبْلُغْ أَنَا ذَاكَ . وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ تُقَبَّلُ يَدُ الرَّجُلِ قَالَ : عَلَى الإِخَاءِ . وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ : سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْت : تَرَى أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ ؟ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَقْبِيلُ الْيَدِ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَهُ إلا قَلِيلا . وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ { أَنَّهُمْ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ مَوْتِهِ قَبَّلُوا يَدَهُ } , وَرَخَّصَ فِيهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ الدِّينِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ كَمَالِكٍ وَغَيْرِهِ . وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ : هِيَ السَّجْدَةُ الصُّغْرَى , وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الإِنْسَانِ بِمَدِّ يَدِهِ لِلنَّاسِ لِيُقَبِّلُوهَا وَقَصْدُهُ لِذَلِكَ فَهَذَا يُنْهَى عَنْهُ بِلا نِزَاعٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ بِخِلافِ مَا إذَا كَانَ الْمُقَبِّلُ هُوَ الْمُبْتَدِئ بِذَلِكَ انْتَهَى كَلامُهُ . وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : كَانَ يُقَالُ تَقْبِيلُ الْيَدِ إحْدَى السَّجْدَتَيْنِ , وَتَنَاوَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَدَ عُمَرَ رضي الله عنهما لِيُقَبِّلَهَا فَقَبَضَهَا , فَتَنَاوَلَ رِجْلَهُ فَقَالَ مَا رَضِيت مِنْك بِتِلْكَ فَكَيْفَ بِهَذِهِ ؟ وَقَبَضَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَدَهُ مِنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَقَالَ مَهْ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا مِنْ الْعَرَبِ إلا هَلُوعٌ , وَمِنْ الْعَجْمِ إلا خَضُوعٌ . وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ قُبْلَةُ يَدِ الإِمَامِ الْعَادِلِ طَاعَةٌ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قُبْلَةُ الْوَالِدِ عِبَادَةٌ وَقُبْلَةُ الْوَلَدِ رَحْمَةٌ
وَأَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِكَرَاهَةِ الِانْحِنَاءِ بِالرَّأْسِ وَتَقْبِيلِ نَحْوِ رَأْسٍ أَوْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ لَا سِيَّمَا لِنَحْوِ غَنِيٍّ؛ لِحَدِيثِ: «مَنْ تَوَاضَعَ لِغَنِيٍّ ذَهَبَ ثُلُثَا دِينِهِ.» وَيُنْدَبُ ذَلِكَ لِنَحْوِ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ شَرَفٍ؛ لِأَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَبَّلَ يَدَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَيُسَنُّ الْقِيَامُ لِمَنْ فِيهِ فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ نَحْوِ صَلَاحٍ أَوْ عِلْمٍ أَوْ وِلَادَةٍ أَوْ نَسَبٍ أَوْ وِلَايَةٍ مَصْحُوبَةٍ بِصِيَانَةٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ أَوْ يُخْشَى مِنْ شَرِّهِ وَلَوْ كَافِرًا خَشِيَ مِنْهُ ضَرَرًا عَظِيمًا أَيْ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً، فِيمَا يَظْهَرُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ وَالْإِكْرَامِ لَا الرِّيَاءِ وَالْإِعْظَامِ، وَيَحْرُمُ عَلَى الدَّاخِلِ أَنْ يُحِبَّ قِيَامَهُمْ لَهُ؛ لِلْحَدِيثِ الْحَسَنِ: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ النَّاسُ لَهُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ.» ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مَا إذَا أَحَبَّ قِيَامَهُمْ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ أَوْ طَلَبًا لِلتَّكَبُّرِ عَلَى غَيْرِهِ، وَهَذَا أَخَفُّ تَحْرِيمًا مِنْ الْأَوَّلِ إذْ هُوَ التَّمْثِيلُ فِي الْخَبَرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ جُودًا مِنْهُمْ عَلَيْهِ لِمَا أَنَّهُ صَارَ شِعَارًا لِلْمَوَدَّةِ فَلَا حُرْمَةَ فِيهِ. وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِ وَجْهِ طِفْلٍ رَحْمَةً وَمَوَدَّةً؛ لِخَبَرِ الْبُخَارِيِّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبَّلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَقَدْ قَبَّلَ الْحَسَنَ» «وَقَالَ لِمَنْ قَالَ لِي عَشْرَةٌ مِنْ الْأَوْلَادِ مَا قَبَّلْتهمْ: مَنْ لَا يَرْحَمُ لَا يُرْحَمُ» وَمَحْرَمٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَبَّلَ خَدَّ عَائِشَةَ لِحُمَّى أَصَابَتْهَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَيُسَنُّ تَقْبِيلُ قَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ وَمُعَانَقَتُهُ لِلِاتِّبَاعِ الصَّحِيحِ فِي جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، لَمَّا قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ، وَيَحْرُمُ نَحْوُ تَقْبِيلِ الْأَمْرَدِ الْحَسَنِ غَيْرِ نَحْوِ الْمَحْرَمِ وَمَسِّ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِلَا حَائِلٍ كَمَا مَرَّ
_________
(قَوْلُهُ وَيُنْدَبُ ذَلِكَ) دَخَلَ فِيهِ تَقْبِيلُ الرَّجُلِ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ سم (قَوْلُهُ لِنَحْوِ صَلَاحٍ) أَيْ: مِنْ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ كَكِبَرِ سِنٍّ وَزُهْدٍ اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ ع ش مِنْ النَّحْوِ الْمُعَلِّمِ الْمُسْلِمِ اهـ.
وَقَوْلُهُ أَوْ وِلَايَةٍ أَيْ: وِلَايَةِ حُكْمٍ كَالْقَاضِي رَشِيدِيٌّ وع ش (قَوْلُهُ مَصْحُوبَةٍ إلَخْ) صِفَةُ وِلَايَةٍ (قَوْلُهُ بِصِيَانَةٍ) أَيْ: عَنْ خِلَافِ الشَّرْعِ وَيَظْهَرُ أَنَّ صِيَانَةَ كُلِّ زَمَنٍ بِحَسْبِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى قَالَ الْأَذْرَعِيُّ بَلْ يَظْهَرُ وُجُوبُهُ فِي هَذَا الزَّمَانِ دَفْعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالتَّقَاطُعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ دَفْعِ الْمَفَاسِدِ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ الْخَيْرُ الْأُخْرَوِيُّ كَالْمُعَلِّمِ حَتَّى لَا يُنَافِيَ الْحَدِيثَ الْمَارَّ سَيِّدُ عُمَرَ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْخَيْرِ الْأُخْرَوِيِّ نَحْوُ الْإِنْفَاقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُحْتَاجِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ) أَيْ: هَذَا الْقِيَامُ اهـ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ وَيَكُونُ عَلَى جِهَةِ الْبِرِّ إلَخْ) أَيْ: وُجُوبًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَالْإِعْظَامِ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ) أَيْ: قَوْلَهُ وَيَحْرُمُ وَكَذَا ضَمِيرُ حَمْلِهِ (قَوْلُهُ وَحَمْلِهِ) إلَى قَوْلِهِ: أَمَّا مَنْ أَحَبَّهُ عِبَارَةُ الْأَسْنَى، وَالْمُرَادُ بِتَمَثُّلِهِمْ لَهُ قِيَامًا أَنْ يَقْعُدَ وَيَسْتَمِرُّوا قِيَامًا كَعَادَةِ الْجَبَابِرَةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ، وَمِثْلُهُ حُبُّ الْقِيَامِ لَهُ تَفَاخُرًا وَتَطَاوُلًا عَلَى الْأَقْرَانِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَاسْتِمْرَارَهُ) أَيْ: قِيَامِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ طَلَبًا) لَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَاسْتِمْرَارَهُ وَهُوَ جَالِسٌ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ: قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبًا إلَخْ قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ: قَوْلُهُ: وَاسْتِمْرَارَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إذْ هُوَ) أَيْ: الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: لَا بَأْسَ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ أَيْ: وَالْمُغْنِي وَتَقْبِيلُ خَدِّ طِفْلٍ لَا يُشْتَهَى وَلَوْ لِغَيْرِهِ، وَأَطْرَافُ شَفَتِهِ مُسْتَحَبٌّ اهـ سم.
(قَوْلُهُ: وَجْهُ طِفْلٍ) بَلْ أَيُّ مَحَلٍّ فِيهِ وَلَوْ فِي الْفَمِ وَقَوْلُهُ طِفْلٌ أَيْ: لَا يُشْتَهَى ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَمُحْرِمٍ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى طِفْلٍ (قَوْلُهُ: وَيُسَنُّ تَقْبِيلٌ إلَخْ) وَتُنْدَبُ الْمُصَافَحَةُ مَعَ بَشَاشَةِ الْوَجْهِ وَالدُّعَاءِ بِالْمَغْفِرَةِ وَغَيْرِهَا لِلتَّلَاقِي، وَلَا أَصْلَ لِلْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلَاتَيْ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَلَكِنْ لَا بَأْسَ بِهَا فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ الْمُصَافَحَةِ، وَقَدْ حَثَّ الشَّارِعُ عَلَيْهَا وَإِنْ قَصَدَ بَابًا لِغَيْرِهِ مُغْلَقًا يُنْدَبُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِهِ ثُمَّ يَسْتَأْذِنَ، فَإِنْ لَمْ يُجَبْ أَعَادَهُ إلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ فَإِنْ أُجِيبَ فَذَاكَ وَإِلَّا رَجَعَ، فَإِنْ قِيلَ لَهُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهِ: مَنْ أَنْتَ نُدِبَ أَنْ يَقُولَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ التَّعْرِيفُ التَّامُّ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُكَنِّيَ نَفْسَهُ أَوْ يَقُولَ: الْقَاضِي فُلَانٌ أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوْ نَحْوَهُ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ الْمُخَاطِبُ إلَّا بِهِ، وَيُكْرَهُ اقْتِصَارُهُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَا أَوْ الْخَادِمُ، وَتُنْدَبُ زِيَارَةُ الصَّالِحِينَ وَالْجِيرَانِ غَيْرِ الْأَشْرَارِ وَالْإِخْوَانِ وَالْأَقَارِبِ وَإِكْرَامُهُمْ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ وَلَا عَلَيْهِمْ فَتَخْتَلِفُ زِيَارَتُهُمْ بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ وَفَرَاغِهِمْ، وَيُسَنُّ أَنْ يَطْلُبَهُ مِنْهُمْ أَنْ يَزُورُوهُ وَأَنْ يُكْثِرُوا زِيَارَتَهُ بِحَيْثُ لَا يَشُقُّ، وَتُنْدَبُ عِيَادَةُ الْمَرْضَى مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: تَقْبِيلُ قَادِمٍ) أَيْ: وَجْهَهُ صَالِحًا أَمْ لَا اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ: مِنْ سَفَرٍ) أَيْ: أَوْ نَحْوِهِ اهـ أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَمُعَانَقَتُهُ) وَيُكْرَهُ ذَلِكَ أَيْ: التَّقْبِيلُ وَالْمُعَانَقَةُ لِغَيْرِ الْقَادِمِ مِنْ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُقَبِّلُ وَالْمُقَبَّلُ صَالِحَيْنِ أَمْ فَاسِقَيْنِ أَمْ أَحَدُهُمَا صَالِحًا وَالْآخَرُ فَاسِقًا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْأَذْكَارِ اهـ رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ.
(قَوْلُهُ: غَيْرِ نَحْوِ الْمُحْرَمِ) كَالْمَلِكِ أَيْ: مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ ع ش
حاشية الجمل على شرح المنهج 4/ 126 ط دار الفكر
وَفِي مَتْنِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ ( فَرْعٌ ) يُسْتَحَبُّ تَصَافُحُ الرَّجُلَيْنِ وَالْمَرْأَتَيْنِ لِخَبَرِ { مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا } رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ نَعَمْ يُسْتَثْنَى الأَمْرَدُ الْجَمِيلُ الْوَجْهِ فَتَحْرُمُ مُصَافَحَتُهُ وَمَنْ بِهِ عَاهَةٌ كَالأَبْرَصِ وَالأَجْذَمِ فَتُكْرَهُ مُصَافَحَتُهُ كَمَا قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ وَتُكْرَهُ الْمُعَانَقَةُ وَالتَّقْبِيلُ فِي الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ وَلَوْ كَانَ الْمُقَبِّلُ أَوْ الْمُقَبَّلُ صَالِحًا { قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ الرَّجُلُ مِنَّا يَلْقَى أَخَاهُ أَوْ صَدِيقَهُ أَيَنْحَنِي لَهُ قَالَ لا أَفَيَلْتَزِمُهُ وَيُقَبِّلُهُ قَالَ لا قَالَ أَفَيَأْخُذُ بِيَدِهِ يُصَافِحُهُ قَالَ نَعَمْ } رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحَسَّنَهُ وَهُمَا لِقَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ أَوْ تَبَاعُدِ لِقَاءٍ سُنَّةٌ لِلاتِّبَاعِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ نَعَمْ الأَمْرَدُ الْجَمِيلُ الْوَجْهِ يَحْرُمُ تَقْبِيلُهُ مُطْلَقًا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُعَانَقَتَهُ كَتَقْبِيلِهِ أَوْ قَرِيبَةٍ مِنْهُ وَكَذَا تَقْبِيلُ الطِّفْلِ وَلَوْ وَلَدَ غَيْرِهِ شَفَقَةً سُنَّةٌ ; { لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَبَّلَ ابْنَهُ إبْرَاهِيمَ وَشَمَّهُ وَقَبَّلَ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ وَعِنْدَهُ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ فَقَالَ الأَقْرَعُ إنَّ لِي عَشْرَةً مِنْ الْوَلَدِ مَا قَبَّلْت مِنْهُمْ أَحَدًا فَنَظَرَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَالَ مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ } وَقَالَتْ عَائِشَةُ { قَدِمَ أُنَاسٌ مِنْ الأَعْرَابِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا تُقَبِّلُونَ صِبْيَانَكُمْ فَقَالَ نَعَمْ قَالُوا لَكِنَّا وَاَللَّهِ مَا نُقَبِّلُ فَقَالَ أَوَ أَمْلِكُ إنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى نَزَعَ مِنْكُمْ الرَّحْمَةَ } رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ا هـ
حاشيتا قليوبي وعميرة على شرح المحلي 3/ 213 ط عيسى الحلبي
فُرُوعٌ : يَجُوزُ نَوْمُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فِي فِرَاشٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ حَيْثُ وُجِدَ حَائِلٌ يَمْنَعُ الْمُمَاسَّةَ لَلأَبَدَانِ , وَيَحْرُمُ ذَلِكَ مَعَ الْعُرْيِ , وَإِنْ تَبَاعَدَا أَوْ اتَّحَدَ الْجِنْسُ وَكَانَ مَحْرَمِيَّةً كَأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ جَدٍّ صِغَرٌ لَكِنْ مَعَ بُلُوغِ عَشْرِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ , وَيُكْرَهُ نَظَرُ فَرْجِ نَفْسِهِ عَبَثًا , وَتَحْرُمُ مُصَافَحَةٌ وَتَقْبِيلٌ وَمُعَانَقَةٌ فِي نَحْوَ أَمْرَدَ , وَيُكْرَهُ ذَلِكَ فِي ذِي عَاهَةٍ كَبَرَصٍ وَجُذَامٍ , وَيُسَنُّ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَنْ ذُكِرَ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنْسِ خُصُوصًا لِنَحْوِ قُدُومِ سَفَرٍ , وَيُنْدَبُ تَقْبِيلُ طِفْلٍ وَلَوْ لِغَيْرِ شَفَقَةٍ وَوَجْهِ مَيِّتٍ لِنَحْوِ صَلاحٍ وَيَدِ نَحْوِ عَالَمٍ وَصَالِحٍ وَصَدِيقٍ وَشَرِيفٍ لأَجْلِ غِنًى , وَنَحْوِهِ وَالْقِيَامُ لَهُمْ كَذَلِكَ وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ وُجُوبَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الأَزْمِنَةِ ; لأَنَّ تَرْكَهُ صَارَ قَطِيعَةً
---( رد المحتار على الدر المختار 5/ 244 ط إحياء التراث )---
( الدر المختار )
( وَكُرِهَ ) تَحْرِيمًا قُهُسْتَانِيٌّ ( تَقْبِيلُ الرَّجُلِ ) فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ وَكَذَا تَقْبِيلُ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ عِنْدَ لِقَاءٍ أَوْ وَدَاعٍ قُنْيَةٌ وَهَذَا لَوْ عَنْ شَهْوَةٍ , وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ فَجَائِزٌ عِنْدَ الْكُلِّ خَانِيَّةٌ , وَفِي الاخْتِيَارِ عَنْ بَعْضِهِمْ لا بَأْسَ بِهِ إذَا قَصَدَ الْبِرَّ وَأَمِنَ الشَّهْوَةَ كَتَقْبِيلِ وَجْهِ فَقِيهٍ وَنَحْوِهِ ( وَ ) كَذَا ( مُعَانَقَتُهُ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لا بَأْسَ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ ( وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوْ جُبَّةٌ جَازَ ) بِلا كَرَاهَةٍ بِالإِجْمَاعِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَعَلَيْهِ الْمُتُونُ وَفِي الْحَقَائِقِ لَوْ الْقُبْلَةُ عَلَى وَجْهِ الْمَبَرَّةِ دُونَ الشَّهْوَةِ جَازَ بِالإِجْمَاعِ ( كَالْمُصَافَحَةِ ) أَيْ كَمَا تَجُوزُ الْمُصَافَحَةُ لأَنَّهَا سُنَّةٌ قَدِيمَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام " { مَنْ صَافَحَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ وَحَرَّكَ يَدَهُ تَنَاثَرَتْ ذُنُوبُهُ } " وَإِطْلاقُ الْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَالْكَنْزِ وَالْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ وَالْمَجْمَعِ وَالْمُلْتَقَى وَغَيْرِهِ يُفِيدُ جَوَازَهَا مُطْلَقًا وَلَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ بِدْعَةٌ أَيْ مُبَاحَةٌ حَسَنَةٌ كَمَا أَفَادَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ شَارِحُ الْمَجْمَعِ مِنْ أَنَّهَا بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ لَيْسَ بِشَيْءٍ تَوْفِيقًا فَتَأَمَّلْهُ . وَفِي الْقُنْيَةِ : السُّنَّةُ فِي الْمُصَافَحَةِ بِكِلْتَا يَدَيْهِ وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْته عَلَى الْمُلْتَقَى .
--------------
( حاشية ابن عابدين )
( قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ فَجَائِزٌ عِنْدَ الْكُلِّ ) قَالَ الإِمَامُ الْعَيْنِيُّ بَعْدَ كَلامٍ فَعُلِمَ إبَاحَةُ تَقْبِيلِ الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالرَّأْسِ وَالْكَشْحِ كَمَا عُلِمَ مِنْ الأَحَادِيثِ الْمُتَقَدِّمَةِ إبَاحَتُهَا عَلَى الْجَبْهَةِ , وَبَيْنَ الْعَيْنَيْنِ وَعَلَى الشَّفَتَيْنِ عَلَى وَجْهِ الْمَبَرَّةِ وَالإِكْرَامِ ا هـ وَيَأْتِي قَرِيبًا تَمَامُ الْكَلامِ عَلَى التَّقْبِيلِ وَالْقِيَامِ ( قَوْلُهُ وَكَذَا مُعَانَقَتُهُ ) قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيُكْرَهُ أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ فَمَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ أَوْ يُعَانِقَهُ وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ , وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لا بَأْسَ بِالتَّقْبِيلِ وَالْمُعَانَقَةِ لِمَا رُوِيَ " { أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام عَانَقَ جَعْفَرًا حِينَ قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ وَقَبَّلَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ } " وَلَهُمَا مَا رُوِيَ " { أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ الْمُكَامَعَةِ } ؟ " وَهِيَ الْمُعَانَقَةُ " { وَعَنْ الْمُكَاعَمَةِ } " وَهِيَ التَّقْبِيلُ , وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ التَّحْرِيمِ , قَالُوا الْخِلافُ فِي الْمُعَانَقَةِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ أَوَجُبَّةٌ لا بَأْسَ بِهِ بِالإِجْمَاعِ وَهُوَ الصَّحِيحُ ا هـ . وَفِي الْعِنَايَةِ : وَوَفَّقَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ بَيْنَ الأَحَادِيثِ فَقَالَ : الْمَكْرُوهُ مِنْ الْمُعَانَقَةِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّهْوَةِ , وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ : فِي إزَارٍ وَاحِدٍ فَإِنَّهُ سَبَبٌ يُفْضِي إلَيْهَا فَأَمَّا عَلَى وَجْهِ الْبِرِّ وَالْكَرَامَةِ إذَا كَانَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَاحِدٌ فَلا بَأْسَ بِهِ ا هـ وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ لَوْ عَنْ شَهْوَةٍ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ أَيْ سَاتِرٍ لِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ مَعَ كَشْفِ الْبَاقِي , وَأَنَّ مَا قَبْلَهُ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْهَدِيَّةِ فَافْهَمْ ( قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ ) أَيْ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ ( قَوْلُهُ وَفِي الْحَقَائِقِ إلَخْ ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْخَانِيَّةِ ط ( قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام إلَخْ ) كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي شَرْحِهَا لِلْعَيْنِيِّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم " { إنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ } " رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ . ( قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ ) حَيْثُ قَالَ اعْلَمْ أَنَّ الْمُصَافَحَةَ مُسْتَحَبَّةٌ عِنْدَ كُلِّ لِقَاءٍ , وَأَمَّا مَا اعْتَادَهُ النَّاسُ مِنْ الْمُصَافَحَةِ بَعْدَ صَلاةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ , فَلا أَصْلَ لَهُ فِي الشَّرْعِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَكِنْ لا بَأْسَ بِهِ فَإِنَّ أَصْلَ الْمُصَافَحَةِ سُنَّةٌ وَكَوْنُهُمْ حَافَظُوا عَلَيْهَا فِي بَعْضِ الأَحْوَالِ , وَفَرَّطُوا فِي كَثِيرٍ مِنْ الأَحْوَالِ أَوْ أَكْثَرِهَا لا يُخْرِجُ ذَلِكَ الْبَعْضَ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ الْمُصَافَحَةِ الَّتِي وَرَدَ الشَّرْعُ بِأَصْلِهَا ا هـ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الْبِكْرِيُّ : وَتَقْيِيدُهُ بِمَا بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ عَلَى عَادَةٍ كَانَتْ فِي زَمَنِهِ , وَإِلا فَعَقِبَ الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا كَذَلِكَ كَذَا فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلالِيُّ فِي الْمُصَافَحَةِ , وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ الشَّمْسِ الْحَانُوتِيِّ , وَأَنَّهُ أَفْتَى بِهِ مُسْتَدِلا بِعُمُومِ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي مَشْرُوعِيَّتِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ إطْلاقِ الْمُتُونِ , لَكِنْ قَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُوَاظَبَةَ عَلَيْهَا بَعْدَ الصَّلَوَاتِ خَاصَّةً قَدْ يُؤَدِّي الْجَهَلَةِ إلَى اعْتِقَادِ سُنِّيَّتِهَا فِي خُصُوصِ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَأَنَّ لَهَا خُصُوصِيَّةً زَائِدَةً عَلَى غَيْرِهَا مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلامِهِمْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهَا أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ , وَكَذَا قَالُوا بِسُنِّيَّةِ قِرَاءَةِ السُّوَرِ الثَّلاثَةِ فِي الْوَتْرِ مَعَ التَّرْكِ أَحْيَانَا لِئَلا يُعْتَقَدَ وُجُوبُهَا وَنَقَلَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ أَنَّهُ تُكْرَهُ الْمُصَافَحَةُ بَعْدَ أَدَاءِ الصَّلاةِ بِكُلِّ حَالٍ , لأَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله تعالى عنهم مَا صَافَحُوا بَعْدَ أَدَاءِ الصَّلاةِ , وَلأَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الرَّوَافِضِ ا هـ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ عَنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهَا بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ لا أَصْلَ لَهَا فِي الشَّرْعِ , وَأَنَّهُ يُنَبَّهُ فَاعِلُهَا أَوَّلا وَيُعَزَّرُ ثَانِيًا ثُمَّ قَالَ : وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْمَدْخَلِ إنَّهَا مِنْ الْبِدَعِ , وَمَوْضِعُ الْمُصَافَحَةِ فِي الشَّرْعِ , إنَّمَا هُوَ عِنْدَ لِقَاءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ لا فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ فَحَيْثُ وَضَعَهَا الشَّرْعُ يَضَعُهَا فَيُنْهَى عَنْ ذَلِكَ وَيُزْجَرُ فَاعِلُهُ لِمَا أَتَى بِهِ مِنْ خِلافِ السُّنَّةِ ا هـ . ثُمَّ أَطَالَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ ( قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ فِي غَيْرِهِ ) الضَّمِيرُ الأَوَّلُ لِلنَّوَوِيِّ وَالثَّانِي لِكِتَابِ الأَذْكَارِ ( قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا نَقَلَهُ عَنْهُ ) أَيْ عَنْ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِهِ عَلَى صَحِيحِ مُسْلِمٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ مَلَكٍ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ فَافْهَمْ . أَقُولُ : وَهَذَا الْحَمْلُ بَعِيدًا جِدًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلافِ رَأْيِ الإِمَامِ النَّوَوِيِّ فِي كِتَابَيْهِ , وَأَنَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ نَظَرَ إلَى مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَحْظُورِ , وَإِلَى أَنَّ ذَلِكَ بِخُصُوصِهِ غَيْرُ مَأْثُورٍ وَلا سِيَّمَا بَعْدَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمُلْتَقَطِ مِنْ أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الرَّوَافِضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . ( قَوْلُهُ وَتَمَامُهُ إلَخْ ) وَنَصُّهُ : وَهِيَ إلْصَاقُ صَفْحَةِ الْكَفِّ بِالْكَفِّ وَإِقْبَالُ الْوَجْهِ بِالْوَجْهِ فَأَخْذُ الأَصَابِعِ لَيْسَ بِمُصَافَحَةٍ خِلافًا لِلرَّوَافِضِ , وَالسُّنَّةُ أَنْ تَكُونَ بِكِلْتَا يَدَيْهِ , وَبِغَيْرِ حَائِلٍ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ غَيْرِهِ وَعِنْدَ اللِّقَاءِ بَعْدَ السَّلامِ وَأَنْ يَأْخُذَ الإِبْهَامَ , فَإِنَّ فِيهِ عِرْقًا يُنْبِتُ الْمَحَبَّةَ كَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ وَغَيْرُهُ ا هـ
---( رد المحتار على الدر المختار 246 ط إحياء التراث )---
( الدر المختار )
( طَلَبَ مِنْ عَالِمٍ أَوْ زَاهِدٍ أَنْ ) يَدْفَعَ إلَيْهِ قَدَمَهُ وَ ( يُمَكِّنَهُ مِنْ قَدَمِهِ لِيُقَبِّلَهُ أَجَابَهُ وَقِيلَ لا ) يُرَخَّصُ فِيهِ كَمَا يُكْرَهُ تَقْبِيلُ الْمَرْأَةِ فَمَ أُخْرَى أَوْ خَدَّهَا عِنْدَ اللِّقَاءِ أَوْ الْوَدَاعِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ مُقَدِّمًا لِلْقِيلِ قَالَ ( وَ ) كَذَا مَا يَفْعَلُهُ الْجُهَّالُ مِنْ ( تَقْبِيلِ يَدِ نَفْسِهِ إذَا لَقِيَ غَيْرَهُ ) فَهُوَ ( مَكْرُوهٌ ) فَلا رُخْصَةَ فِيهِ وَأَمَّا تَقْبِيلُ يَدِ صَاحِبِهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ فَمَكْرُوهٌ بِالإِجْمَاعِ ( وَكَذَا ) مَا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ( تَقْبِيلِ الأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْ الْعُلَمَاءِ ) وَالْعُظَمَاءِ فَحَرَامٌ وَالْفَاعِلُ وَالرَّاضِي بِهِ آثِمَانِ لأَنَّهُ يُشْبِهُ عِبَادَةَ الْوَثَنِ وَهَلْ يَكْفُرَانِ : عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ وَالتَّعْظِيمِ كُفْرٌ وَإِنْ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ لا وَ صَارَ آثِمًا مُرْتَكِبًا لِلْكَبِيرَةِ , وَفِي الْمُلْتَقَطِ التَّوَاضُعُ لِغَيْرِ اللَّهِ حَرَامٌ . وَفِي الْوَهْبَانِيَّةِ : يَجُوزُ بَلْ يَنْدُبُ الْقِيَامُ تَعْظِيمًا لِلْقَادِمِ كَمَا يَجُوزُ الْقِيَامُ , وَلَوْ لِلْقَارِئِ بَيْنَ يَدَيْ الْعَالِمِ وَسَيَجِيءُ نَظْمًا . [ فَائِدَةٌ ] قِيلَ التَّقْبِيلُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ : قُبْلَةُ الْمَوَدَّةِ لِلْوَلَدِ عَلَى الْخَدِّ , وَقُبْلَةُ الرَّحْمَةِ لِوَالِدَيْهِ عَلَى الرَّأْسِ , وَقُبْلَةُ الشَّفَقَةِ لأَخِيهِ عَلَى الْجَبْهَةِ وَقُبْلَةُ الشَّهْوَةِ لامْرَأَتِهِ وَأَمَتِهِ عَلَى الْفَمِ وَقُبْلَةُ التَّحِيَّةِ لِلْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْيَدِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ , قُبْلَةُ الدِّيَانَةِ لِلْحَجَرِ الأَسْوَدِ جَوْهَرَةٌ . قُلْت : وَتَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ تَقْبِيلُ عَتَبَةَ الْكَعْبَةِ , وَفِي الْقُنْيَةِ فِي بَابِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَقَابِرِ تَقْبِيلُ الْمُصْحَفِ قِيلَ بِدْعَةٌ لَكِنْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ الْمُصْحَفَ كُلَّ غَدَاةٍ وَيُقَبِّلُهُ وَيَقُولُ : عَهْدُ رَبِّي وَمَنْشُورُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَ عُثْمَانُ رضي الله عنه يُقَبِّلُ الْمُصْحَفَ وَيَمْسَحُهُ عَلَى وَجْهِهِ , وَأَمَّا تَقْبِيلُ الْخُبْزِ فَحَرَّرَ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ بِدْعَةٌ مُبَاحَةٌ وَقِيلَ حَسَنَةٌ وَقَالُوا يُكْرَهُ دَوْسُهُ لا بَوْسُهُ ذَكَرَهُ ابْنُ قَاسِمٍ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لابْنِ حَجَرٍ فِي بَحْثِ الْوَلِيمَةِ وَقَوَاعِدُنَا لا تَأْبَاهُ وَجَاءَ { لا تَقْطَعُوا الْخُبْزَ بِالسِّكِّينِ وَأَكْرِمُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ } .
--------------
( حاشية ابن عابدين )
( قَوْلُهُ يَدْفَعَ إلَيْهِ قَدَمَهُ ) يُغْنِي عَنْهُ مَا فِي الْمَتْنِ ( قَوْلُهُ أَجَابَهُ ) لِمَا أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ : { أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرِنِي شَيْئًا أَزْدَادُ بِهِ يَقِينًا فَقَالَ اذْهَبْ إلَى تِلْكَ الشَّجَرَةِ فَادْعُهَا فَذَهَبَ إلَيْهَا فَقَالَ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوك فَجَاءَتْ حَتَّى سَلَّمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهَا : ارْجِعِي فَرَجَعَتْ قَالَ : ثُمَّ أَذِنَ لَهُ فَقَبَّلَ رَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ وَقَالَ لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا } " : وَقَالَ صَحِيحُ الإِسْنَادِ ا هـ مِنْ رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلالِيُّ ( قَوْلُهُ كَمَا يُكْرَهُ إلَخْ ) الأَوْلَى حَذْفُهُ فَإِنَّهُ نَقَلَهُ سَابِقًا عَنْ الْقُنْيَةِ ط وَهَذَا لَوْ عَنْ شَهْوَةٍ كَمَا مَرَّ ( قَوْلُهُ مُقَدِّمًا لِلْقِيلِ ) أَيْ الْوَاقِعِ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ رَمَزَ لَهُ إلَى كِتَابٍ ثُمَّ رَمَزَ بَعْدَهُ لِلأَوَّلِ ( قَوْلُهُ قَالَ ) الظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِصَاحِبِ الْقُنْيَةِ وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا نَعَمْ ذَكَرَ الثَّانِيَةَ وَالثَّالِثَةَ فِي الْمُجْتَبَى ( قَوْلُهُ فَهُوَ مَكْرُوهٌ ) أَيْ تَحْرِيمًا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ فَلا رُخْصَةَ فِيهِ ط ( قَوْلُهُ فَمَكْرُوهٌ بِالإِجْمَاعِ ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ عَالِمًا وَلا عَادِلا , وَلا قَصَدَ تَعْظِيمَ إسْلامِهِ وَلا إكْرَامَهُ , وَسَيَأْتِي أَنَّ قُبْلَةَ يَدِ الْمُؤْمِنِ تَحِيَّةً تَوْفِيقًا بَيْنَ كَلامِهِمْ , وَلا يُقَالُ حَالَةَ اللِّقَاءِ مُسْتَثْنَاةٌ لأَنَّا نَقُولُ حَيْثُ نَدَبَ فِيهَا الشَّارِعُ صلى الله تعالى عليه وسلم إلَى الْمُصَافَحَةِ عُلِمَ أَنَّهَا تَزِيدُ عَنْ غَيْرِهَا فِي التَّعْظِيمِ , فَكَيْفَ لا تُسَاوِيهَا سَائِحَانِيٌّ . ( قَوْلُهُ إنْ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ أَوْ التَّعْظِيمِ كَفَرَ إلَخْ ) تَلْفِيقٌ لِقَوْلَيْنِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ : وَذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ لا يَكْفُرُ بِهَذَا السُّجُودِ , لأَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ التَّحِيَّةَ وَقَالَ شَمْسُ الأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ : إنْ كَانَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى وَجْهِ التَّعْظِيمِ كَفَرَ ا هـ قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ : وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ يَكْفُرُ بِالسَّجْدَةِ مُطْلَقًا وَفِي الزَّاهِدِيِّ الإِيمَاءُ فِي السَّلامِ إلَى قَرِيبِ الرُّكُوعِ كَالسُّجُودِ وَفِي الْمُحِيطِ أَنَّهُ يُكْرَهُ الانْحِنَاءُ لِلسُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ ا هـ وَظَاهِرُ كَلامِهِمْ إطْلاقُ السُّجُودِ عَلَى هَذَا التَّقْبِيلِ . [ تَتِمَّةٌ ] اخْتَلَفُوا فِي سُجُودِ الْمَلائِكَةِ قِيلَ : كَانَ لِلَّهِ تَعَالَى وَالتَّوَجُّهُ إلَى آدَمَ لِلتَّشْرِيفِ , كَاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَةِ , وَقِيلَ : بَلْ لآدَمَ عَلَى وَجْهِ التَّحِيَّةِ وَالإِكْرَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام " { لَوْ أَمَرْت أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْت الْمِرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا } " تَتَارْخَانِيَّةٌ قَالَ فِي تَبْيِينِ الْمَحَارِمِ , وَالصَّحِيحُ الثَّانِي وَلَمْ يَكُنْ عِبَادَةً لَهُ بَلْ تَحِيَّةً وَإِكْرَامًا , وَلِذَا امْتَنَعَ عَنْهُ إبْلِيسُ وَكَانَ جَائِزًا فِيمَا مَضَى كَمَا فِي يُوسُفَ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ : وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ الْكِتَابِ بِالسُّنَّةِ ( قَوْلُهُ التَّوَاضُعُ لِغَيْرِ اللَّهِ حَرَامٌ ) أَيْ إذْلالُ النَّفْسِ لِنَيْلِ الدُّنْيَا , وَإِلا فَخَفْضُ الْجَنَاحِ لِمَنْ دُونَهُ مَأْمُورٌ بِهِ سَيِّدُ الأَنَامِ عليه الصلاة والسلام يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه " مَنْ خَضَعَ لِغَنِيٍّ وَوَضَعَ لَهُ نَفْسَهُ إعْظَامًا لَهُ وَطَمَعًا فِيمَا قِبَلَهُ ذَهَبَ ثُلُثَا مُرُوءَتِهِ وَشَطْرُ دِينِهِ " . ( قَوْلُهُ يَجُوزُ بَلْ يُنْدَبُ الْقِيَامُ تَعْظِيمًا لِلْقَادِمِ إلَخْ ) أَيْ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ : قِيَامُ الْجَالِسِ فِي الْمَسْجِدِ لِمَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ تَعْظِيمًا , وَقِيَامُ قَارِئِ الْقُرْآنِ لِمَنْ يَجِيءُ تَعْظِيمًا لا يُكْرَهُ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ التَّعْظِيمَ , وَفِي مُشْكِلِ الآثَارِ الْقِيَامُ لِغَيْرِهِ لَيْسَ بِمَكْرُوهٍ لِعَيْنِهِ إنَّمَا الْمَكْرُوهُ مَحَبَّةُ الْقِيَامِ لِمَنْ يُقَامُ لَهُ , فَإِنْ قَامَ لِمَنْ لا يُقَامُ لَهُ لا يُكْرَهُ . قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ أَقُولُ : وَفِي عَصْرِنَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ ذَلِكَ أَيْ الْقِيَامُ لِمَا يُورِثُ تَرْكُهُ مِنْ الْحِقْدِ وَالْبَغْضَاءِ وَالْعَدَاوَةِ لا سِيَّمَا إذَا كَانَ فِي مَكَان اُعْتِيدَ فِيهِ الْقِيَامُ , وَمَا وَرَدَ مِنْ التَّوَعُّدِ عَلَيْهِ فِي حَقِّ مَنْ يُحِبُّ الْقِيَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَمَا يَفْعَلُهُ التُّرْكُ وَالأَعَاجِمُ ا هـ . قُلْت : يُؤَيِّدُهُ مَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ الشَّيْخِ الْحَكِيمِ أَبِي الْقَاسِمِ كَانَ إذَا دَخَلَ عَلَيْهِ غَنِيٌّ يَقُومُ لَهُ وَيُعَظِّمُهُ , وَلا يَقُومُ لِلْفُقَرَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ , فَقَالَ الْغَنِيُّ يَتَوَقَّعُ مِنِّي التَّعْظِيمَ , فَلَوْ تَرَكْته لَتَضَرَّرَ وَالْفُقَرَاءُ وَالطَّلَبَةُ إنَّمَا يَطْمَعُونَ فِي جَوَابِ السَّلامِ وَالْكَلامِ مَعَهُمْ فِي الْعِلْمِ , وَتَمَامُ ذَلِكَ فِي رِسَالَةِ الشُّرُنْبُلالِيُّ ( قَوْلُهُ تَقْبِيلُ عَتَبَةِ الْكَعْبَةِ ) هِيَ مِنْ قِلَّةِ الدِّيَانَةِ ط وَفِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى : وَاخْتُلِفَ فِي تَقْبِيلِ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ فَقِيلَ سُنَّةٌ وَقِيلَ بِدْعَةٌ ( قَوْلُهُ وَمَنْشُورُ رَبِّي ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ : الْمَنْشُورُ : الرَّجُلُ الْمُنْتَشِرُ الأَمْرِ وَمَا كَانَ غَيْرَ مَخْتُومٍ مِنْ كُتُبِ السُّلْطَانِ وَالْمُرَادُ كِتَابُ رَبِّي فَفِيهِ تَجْرِيدٌ عَنْ بَعْضِ الْمَعْنَى ط ( قَوْلُهُ وَقَوَاعِدُنَا لا تَأْبَاهُ ) قَالَ فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى : وَحِينَئِذٍ فَيُزَادُ عَلَى السِّتَّةِ سِتَّةٌ أَيْضًا بِدْعَةٌ مُبَاحَةٌ أَوْ حَسَنَةٌ , وَسُنَّةٌ لِعَالِمٍ وَعَادِلٍ مَكْرُوهٌ لِغَيْرِهِمَا عَلَى الْمُخْتَارِ وَحَرَامٌ لِلأَرْضِ تَحِيَّةٌ وَكُفْرٌ لَهَا تَعْظِيمًا كَمَا مَرَّ ا هـ تَأَمَّلْ . ( قَوْلُهُ وَجَاءَ إلَخْ ) قَالَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ الْجِرَاحِيُّ فِي الأَحَادِيثِ الْمُشْتَهِرَةِ " { لا تَقْطَعُوا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ بِالسِّكِّينِ كَمَا تَقْطَعُ الأَعَاجِمُ وَلَكِنْ انْهَشُوهُ نَهْشًا } " قَالَ الصَّغَانِيُّ مَوْضُوعٌ ا هـ وَفِي الْمُجْتَبَى لا يُكْرَهُ قَطْعُ الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ بِالسِّكِّينِ ا هـ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ .
----( الآداب الشرعية 2 / 270 ط مكتبة الرياض الحديثة )----
وَتُبَاحُ الْمُعَانَقَةُ وَتَقْبِيلُ الْيَدِ وَالرَّأْسِ تَدَيُّنًا وَإِكْرَامًا وَاحْتِرَامًا مَعَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ , وَظَاهِرُ هَذَا عَدَمُ إبَاحَتِهِ لأَمْرِ الدُّنْيَا , وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ , وَالْكَرَاهَةُ أَوْلَى . وَكَذَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَقْبِيلُ رِجْلِهِ . وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ قُبْلَةِ الْيَدِ فَقَالَ : إنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ التَّدَيُّنِ فَلا بَأْسَ قَدْ قَبَّلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنهما وَإِنْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الدُّنْيَا فَلا , إلا رَجُلا يُخَافُ سَيْفُهُ أَوْ سَوْطُهُ . وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ أَيْضًا : وَكَرِهَهَا عَلَى طَرِيقِ الدُّنْيَا , وَقَالَ تَمِيمُ بْنُ سَلَمَةَ التَّابِعِيُّ الْقُبْلَةُ سُنَّةٌ . وَقَالَ مُهَنَّا بْنُ يَحْيَى رَأَيْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَثِيرًا يُقَبِّلُ وَجْهَهُ وَرَأْسَهُ وَخَدَّهُ وَلا يَقُولُ شَيْئًا , وَرَأَيْته لا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَلا يَكْرَه , وَرَأَيْت سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُد الْهَاشِمِيَّ يُقَبِّلُ جَبْهَتَهُ وَرَأْسَهُ وَلا يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ وَلا يَكْرَهُهُ وَرَأَيْت يَعْقُوبَ بْنَ إبْرَاهِيمَ يُقَبِّلُ وَجْهَهُ وَجَبْهَتَهُ . وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ رَأَيْت كَثِيرًا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ وَبَنِي هَاشِمٍ وَقُرَيْشٍ وَالأَنْصَارَ يُقَبِّلُونَهُ يَعْنِي أَبَاهُ بَعْضُهُمْ يَدَيْهِ وَبَعْضُهُمْ رَأْسَهُ , وَيُعَظِّمُونَهُ تَعْظِيمًا لَمْ أَرَهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِأَحَدٍ مِنْ الْفُقَهَاءِ غَيْرَهُ , لَمْ أَرَهُ يَشْتَهِي أَنْ يُفْعَلَ ذَلِكَ . وَقَالَ الْخَلالُ أَخْبَرَنِي إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ قَالَ قُلْت لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَوَّلَ مَا رَأَيْته يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ائْذَنْ لِي أَنْ أُقَبِّلَ رَأْسَك قَالَ : لَمْ أَبْلُغْ أَنَا ذَاكَ . وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ تُقَبَّلُ يَدُ الرَّجُلِ قَالَ : عَلَى الإِخَاءِ . وَقَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ : سَأَلْت أَبَا عَبْدِ اللَّهِ قُلْت : تَرَى أَنْ يُقَبِّلَ الرَّجُلُ رَأْسَ الرَّجُلِ أَوْ يَدَهُ ؟ قَالَ نَعَمْ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ تَقْبِيلُ الْيَدِ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَهُ إلا قَلِيلا . وَذَكَرَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ { أَنَّهُمْ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَامَ مَوْتِهِ قَبَّلُوا يَدَهُ } , وَرَخَّصَ فِيهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَلَى وَجْهِ الدِّينِ وَكَرِهَهُ آخَرُونَ كَمَالِكٍ وَغَيْرِهِ . وَقَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ : هِيَ السَّجْدَةُ الصُّغْرَى , وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الإِنْسَانِ بِمَدِّ يَدِهِ لِلنَّاسِ لِيُقَبِّلُوهَا وَقَصْدُهُ لِذَلِكَ فَهَذَا يُنْهَى عَنْهُ بِلا نِزَاعٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ بِخِلافِ مَا إذَا كَانَ الْمُقَبِّلُ هُوَ الْمُبْتَدِئ بِذَلِكَ انْتَهَى كَلامُهُ . وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : كَانَ يُقَالُ تَقْبِيلُ الْيَدِ إحْدَى السَّجْدَتَيْنِ , وَتَنَاوَلَ أَبُو عُبَيْدَةَ يَدَ عُمَرَ رضي الله عنهما لِيُقَبِّلَهَا فَقَبَضَهَا , فَتَنَاوَلَ رِجْلَهُ فَقَالَ مَا رَضِيت مِنْك بِتِلْكَ فَكَيْفَ بِهَذِهِ ؟ وَقَبَضَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَدَهُ مِنْ رَجُلٍ أَرَادَ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَقَالَ مَهْ فَإِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ هَذَا مِنْ الْعَرَبِ إلا هَلُوعٌ , وَمِنْ الْعَجْمِ إلا خَضُوعٌ . وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ قُبْلَةُ يَدِ الإِمَامِ الْعَادِلِ طَاعَةٌ وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قُبْلَةُ الْوَالِدِ عِبَادَةٌ وَقُبْلَةُ الْوَلَدِ رَحْمَةٌ
Komentar
Posting Komentar